الرؤية نيوز

القراية أم دق: لمن تغني أم كلثوم (هذه ليلتي) للهلال أم المريخ؟

0

(1)

       لا استطيع ان اخفي حبي للعاصمة المصرية (القاهرة) ولا انكر تحيزي الدائم لمصر، دون كل الدول العربية الاخرى – (مياه) النيل صنعت بيننا ألفة وقرابة قد لا تصنعها حتى (الدماء).

       التاريخ المشترك والثقافة الواحدة – جعلت بين السودان ومصر دولة واحدة رغم التقرحات التى قد تحدثها السياسة والحكومات – ما يجمع بين شعبي وادي النيل اعظم مما يمكن ان يفرق بينهما بسبب الحكومات والسياسات وصراع المصالح.

       لا انظر الى العلاقة مع مصر من منطلق (سياسي).. يمكن ان نختلف في ذلك وان نحتد.. ولكن لا يمكن ان نسقط العلاقات الشعبية التاريخية والابدية التى تجمع بين الشعبين.

       هم يحبوننا كما نحبهم.. يعرفون اخلاقنا وكرمنا وشهامتنا ويقدرون فينا ذلك، ونحن نقدر تاريخهم وإبداعهم وارثهم الكبير.

       في اخر زياراتي للقاهرة كنت برفقة الزميل محمد الجزولي نستقل (تاكسي) لينقلنا من وسط المدينة الى منطقة العجوزة … سائق التاكسي وهو على اعتاب العقد الثامن استقبلنا بفرحة كبيرة وهو يستبشر بملامحنا (السودانية) ان نكون من جنوب الوادي .. عندما تأكد من ذلك هلل وفرح وكأنه يجد بعض اقاربه ..قال لنا ببهجة وانشراح ظهر على وجهه ان الرجل الذي اوصله قبلنا كان ايضاً (سودانياً) – كان سعيداً بذلك كأنه يحمد ربه على هذه الرفقة ويشكره على هذا الحظ الذي جمع في هذا اليوم السودانيين.

       سائق التاكسي قال لنا انه كان يعمل في الري المصري في منطقة الشجرة وان اجمل ايام حياته كانت في السودان. حكى لنا ذكرياته في السودان لنشعر بجمال هذا الوطن الذي ننتمي اليه – شعرنا بالفخر بذلك وهو يحكي عن السودان.

       حدثنا ذلك السائق عن الخرطوم وعن الجنيه السوداني وعن كسلا وإسحاق الحلنقي وغنى لنا اغنية (حبيت عشانك كسلا) كما هي كاملة … وجدنا الرجل يحدثنا عن السودان كما كان يحدثنا عن مصر ومشاركته في حرب اكتوبر بنفس الصدق والإحساس والحب.

       شعرت بصدق ذلك الرجل وبحبه للسودان ووجدت ان هذا النموذج يتكرر كثيراً في العاصمة المصرية.

       مصر هي البلد الوحيد في العالم الذي لا تشعر فيه بالغربة وأنت بعيد عن السودان. هذه حقيقة يشعر بها معظم السودانيين.. ولا نكتسبها ولا نشعر بها من فراغ او من (فهلوة) المصريين الذين يبادلونا الحب والمودة … ونبادلهم ذلك بصدق وأمانة.

(2)

       في القاهرة تشعر بأنك في ام درمان – لا يجعلونك تشعر بان هناك فرق – هم اذكياء في ذلك يعرفون ان يبددوا وحشتنا، يمنحونا الطمأنينة وهم يحدثوننا بلغتنا …ويستوقفونا بـ (يا زول).

       في القاهرة تجد المطاعم السودانية بكل تفاصيل (مطبخنا) السوداني البلدي – الويكة وام فتفت والكسرة والقراصة والمديدة، حتى (الزيادة) و ما يسبق الوجبة من (تصبيرة) قبل الاكل تجدها في القاهرة.

       لم اذهب في مصر الى (مقهى) إلا استقبلني اهل هذا المقهى بمقعد خاص وخصوني بموقع متميز اكراماً لسودانيتي التى يحتفون بها، هم لا يفعلون ذلك مع جنسيات اخرى يمكن ان تكون عوائد التعامل معهم افضل وأعظم من التعامل معنا.

       في سوق العتبة يرحبون بك .. ويقبلون منك عملتك السودانية التي فقدت قيمتها حتى في السودان.

       اقول ذلك واعرف ان للسياسة تقاطعات قد تكون خبيثة.. فهي لعبة قذرة.. وادعم كل ما يحفظ حق السودان ويبقى على (تروسه) في الشمال – هذه خطوط حمراء لا تراجع عنها (لا شيء يعدل الوطن) – ولكن احفظ مع كل تلك التقاطعات العلاقات الازلية والتاريخية التى تجمع بين السودان ومصر.

(3)

       كنا ونحن صغاراً بعد ان ينتصر الهلال ننتظر تلفزيون السودان ان يقدم لنا الفنان محمد وردي وهو يغني (وكانت ساعة النصر في اكتمال الهلال) – كانوا في تلفزيون السودان يفعلون ذلك عندما ينتصر الهلال.

       عرف وردي بهلاليته الصارخة، التى كان فنان افريقيا الاول يعلن عنها وهو فخور بها.

       مثلما عرف محمد ميرغني بلونيته الزرقاء الجميلة ..كذلك كان الفنان الكبير عثمان حسين يشجع الهلال والفنان صلاح بن البادية ..كما كان الفنان السني الضوي شديد الوله بالهلال ..واشتهر في هذا المجال الفنان عبدالعظيم حركة وعثمان محجوب بهلالية شهيرة. كذلك انتمى للهلال الدكتور عثمان مصطفى وحسين شندي ومحجوب كبوشية.

       في المريخ اشتهر الفنان ابراهيم عوض وعبدالكريم الكابلي والفنان زيدان ابراهيم وحمد الريح والأمين البنا والنور الجيلاني.

       اليوم في قمة تاريخية يواجه الهلال فريق المريخ في العاصمة المصرية القاهرة في احدى مباريات مرحلة المجموعات في البطولة الافريقية.

       لعب من قبل الهلال والمريخ في الدوحة وفي ابوظبي في مناسبات ودية ..وحقق الهلال الانتصار في تلك العواصم العربية.. اليوم في مباراة رسمية وتاريخية يواجه الهلال المريخ في القاهرة.

       لمن يكون الانتصار اليوم؟

       لمن تغني كوكب الشرق ام كلثوم (هذه ليلتي)؟ :

هذه ليلتي وحلم حياتي …………… بين ماض من الزمان وآت

الهوى أنت كله والأماني …………… فاملأ الكأس بالغرام وهاتِ

بعد حين يبدل الحب دارا …………… والعصافير تهجر الأوكارا

وديار كانت قديماً ديارا …………… سترانا كما نراها قفارا

سوف تلهو بنا الحياة وتسخر …………… فتعالَ أحبك الآن أكثر

والمساء الذي تهادى إلينا ……………ثم أصغى والحب في مقلتينا

لسؤال عن الهوى وجواب ……………وحديث يذوب في شفتينا

قد أطال الوقوف حين دعاني ……………ليلم الأشواق عن أجفاني

فادن مني وخذ إليك حناني ……………ثم اغمض عينيك حتى تراني

وليكن ليلنا طويلاً طويلا ……………فكثير اللقاء كان قليلا

       هذه ليلتي من كلمات جورج جرداق وألحان محمد عبد الوهاب قدمتها كوكب الشرق في عام 1968 وهى اول اغنية عاطفية لام كلثوم بعد نكسة 1967م.

       لمن تكون هذه الليلة؟

       نتوقعها ليلة (زرقاء) في سماء العاصمة المصرية القاهرة.

(4)

       بغم /

       اخشى على الهلال في القاهرة من محترف المريخ انتوني ومن مشجع الهلال مبارك اردول.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!