الرؤية نيوز

السودان: محامون يقترحون مشروع إعلان دستوري تمهيدا لطرحه على المعارضة

0

ميعاد مبارك – الخرطوم
«القدس العربي»: في ظل تعثر العملية السياسية في السودان، واستمرار انقلاب 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، لأكثر من عشرة أشهر، تمضي القوى المدنية في طرح رؤى ومشاريع مقترحة لإعلان دستوري جديد بديل للوثيقة الدستورية التي قوضها استيلاء العسكر على الحكم.
وبعد أسابيع من التداول، تلت الورشة التي نظمتها اللجنة التسييرية للمحامين السودانيين، الشهر الماضي، بحضور واسع للقوى السياسية وممثلي المؤسسات الدولية والبعثات الدبلوماسية، أعلنت اللجنة، مشروع إعلان دستوري جديد، نشرت بنوده، مساء السبت، استعدادا لطرحه على القوى المناهضة للانقلاب خلال الأيام المقبلة. ويلغي الإعلان، الوثيقة الدستورية الانتقالية لسنة 2019م، تعديل 2020، وكل القرارات التي صدرت بعد انقلاب 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، بما في ذلك كل الاتفاقيات الإقليمية والدولية، التي أبرمت في ذلك الوقت.
وفي أعقاب الثورة الشعبية في السودان، توافق المجلس المركزي لـ«الحرية والتغيير» والمجلس العسكري، في 17 أغسطس/ آب 2019، على وثيقة دستورية نصت على تشارك المدنيين والعسكريين السلطة في فترة انتقالية تتكون من 39 شهرا.
وفي 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، وقعت الحكومة الانتقالية، اتفاق سلام مع الجبهة الثورية، التي تضم حركات مسلحة وتنظيمات سياسية، دمجت بنوده في الوثيقة الدستورية.
وبعد نحو عامين على توقيع الوثيقة الدستورية، انقلب العسكر على الشراكة الانتقالية في 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وجمد القائد العام للجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، بنود الشراكة مع «الحرية والتغيير» في الاتفاق.

رأس الدولة

ونص الإعلان الدستوري الجديد، الذي طرحته اللجنة، للتداول، على أن تتكون هياكل الحكم، مجالس للسيادة والوزراء والتشريع والأمن والدفاع، وعلى أن يكون مجلس السيادة مدنيا، ويكون رأس الدولة ورمز سيادتها ووحدتها والقائد الأعلى للقوات المسلحة، ويراعى فيه التمثيل الإقليمي.
وحسب الإعلان، تؤول نصف مقاعد المجلس للنساء، ويراعى التمثيل الإقليمي، بالإضافة إلى مجلس وزراء يتكون من رئيس وعدد من الوزراء لا يتجاوز (25) وزيرا من الكفاءات الوطنية تختارهم القوى الموقعة على الإعلان السياسي بالتساوي بين الجنسين، مع مراعاة التنوع العمري والجهوي دون الإخلال بمبدأ الكفاءة.
وتشمل اختصاصات رئيس مجلس الوزراء تعيين الوزراء الذين يتم اختيارهم من قبل القوى الموقعة على الإعلان السياسي مع الالتزام بمعايير الكفاءة والاستقلالية والنزاهة والخبرة الملائمة، بالإضافة إلى تعيين وإعفاء حكام الأقاليم أو ولاة الولايات وتعيين وإعفاء قادة الخدمة المدنية، والشرطية وجهاز المخابرات، وكذلك، الإشراف على أداء الوزراء ومحاسبتهم، وعلى الشؤون الأمنية والدفاعية، ورئاسة مجلس الأمن والدفاع، فضلا عن الإشراف على جهاز المخابرات العامة وقوات الشرطة وبنك السودان المركزي، حسب الإعلان، الذي نص أيضاً على أن «تكون مسؤولية رئيس وأعضاء مجلس الوزراء، تضامنية وفردية أمام المجلس التشريعي الانتقالي الذي يعتبر سلطة تشريعية مستقلة لا يجوز حلها ويتكون من عدد لا يقل عن (300) عضو يراعى في تكوينه تمثيل واسع لمكونات الشعب السوداني بما فيها القوى السياسية والمدنية والمهنية ولجان المقاومة والطرق الصوفية والإدارات الأهلية وأطراف العملية السلمية الموقعة على الإعلان السياسي، ويستثنى أعضاء المؤتمر الوطني المحلول بكل أشكالهم ومسمياتهم وواجهاتهم».

إصلاح أجهزة القوات المسلحة

ونص الإعلان المقترح، على إصلاح أجهزة القوات المسلحة، والشرطة والمخابرات العامة، لضمان إزالة التمكين فيها، وتأكيد قوميتها، وانصياعها للسلطة المدنية.
واعتبر، اتفاق السلام، جزءا لا يتجزأ من دستور البلاد، مؤكدا على إكمال الترتيبات الأمنية، وإجراء عمليات الدمج والتسريح وصولاً لجيش قومي واحد.
وشدد على مراجعة تشريعات المؤسسات العسكرية بما يضمن انسجامها مع التطور الديمقراطي في السودان.

تلغى بموجبه القرارات والاتفاقات الدولية في فترة الانقلاب

وأكد على تفكيك وتصفية بنية نظام الثلاثين من يونيو/ حزيران 1989 (نظام الإنقاذ) وإزالة التمكين وإلغاء قوانينه، واسترداد الأصول والأموال المنقولة وغير المنقولة من داخل وخارج السودان وفقاً لما ينظمه القانون.
وفيما يخص العدالة الانتقالية نص على تكوّن مفوضية العدالة الانتقالية وإصدار قانون للعدالة الانتقالية بشكل فوري، يشمل خطة قومية لتنفيذ العدالة في كافة الجرائم المرتكبة خلال النزاع المسلح في دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق.
وكذلك، بقرار من مجلس الوزراء، يتم دعم أو إعادة أو تعديل قرار تشكيل اللجنة القومية للتحقيق في الانتهاكات والجرائم ضد حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني التي ارتكبت في 3 يونيو/حزيران 2019 في العاصمة والولايات خلال شهر من تعيينه، ويجوز للجنة أن تستعين بدعم دولي فني ومالي.
ونص أيضا على تشكيل لجنة وطنية للتحقيق في جرائم القتل والانتهاكات التي وقعت بعد 25 أكتوبر / تشرين الأول الماضي، حيث راح ضحية قمع الأجهزة الأمنية للتظاهرات المناهضة لحكم العسكر خلال الأشهر العشرة الماضية 117 قتيلا وأكثر من 6000 جريح، فضلا عن حالات الاغتصاب والإخفاء القسري والاعتقالات التعسفية للمعارضين.
وسارع المجلس المركزي لـ«الحرية والتغيير» للتأكيد أنه تابع باهتمام جهود اللجنة التسييرية للمحامين في صياغة مشروع الدستور الانتقالي «تمهيدا لطرحه على مختلف الأطراف والفاعلين وأصحاب المصلحة بغرض الاتفاق على إعلان دستوري لإدارة المرحلة الانتقالية وتشكل قاعدة لتأسيس انتقال مدني ديمقراطي محكم ينهض على أنقاض الانقلاب العسكري».
وأكد «دعمه ومساندته المستمرة للخطوات اللاحقة لمبادرة المحامين السودانيين واستعدادهم للانخراط الجاد في المراحل اللاحقة وفي النقاشات حتى الوصول لمشروع الإعلان الدستوري».
ودعا كافة المكونات السياسية المدنية الديمقراطية ولجان المقاومة لـ«الانخراط الجاد في نقاش هذه المسودة وصولاً لاتفاق على إطار دستوري يحكم المرحلة الانتقالية ويحقق تطلعات الشعب السوداني في الدولة المدنية الديمقراطية وإنهاء وهزيمة الانقلاب واستعادة الانتقال الديمقراطي».
وعلى الرغم من إعلان البرهان، خروج العسكر من العملية السياسية في يوليو/ تموز الماضي، إلا أن المعارضة تعتبر قراراته مجرد مناورة سياسية. والخميس، طالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، العسكر باتخاذ خطوات جادة للخروج من السياسة وتكوين حكومة انتقالية مدنية.

حوار بين الفرقاء

ورأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة النيلين مصعب محمد علي في حديثه لـ«القدس العربي» أن الإعلان الذي صدر مؤخراً من اللجنة التسييرية لنقابة المحاميين السودانيين «يأتي في سياق محاولة الوصول لصيغة تحكم بها الفترة الانتقالية، وعمل ترتيبات جديدة، يمكن أن تمهد لعقد حوار بين الأطراف السودانية المختلفة لأجل إنهاء الأزمة القائمة منذ 25 أكتوبر/ تشرين الأول» مشيرا إلى أن الإعلان الدستوري «يتسق مع الوضع السياسي في البلاد باعتبار أنه يشكل وثيقة للحكم يمكن أن يتم البناء عليها مع جميع الأطراف وجعلها دستورا للفترة الانتقالية».
وأضاف: «ألغى الإعلان الدستوري الوثيقة الدستورية، وحدد نقاطا عديدة تختلف عنها، لكنه تمسك بالبند الذي يشير إلى تفكيك التمكين، بالإضافة إلى أنه أعطى صلاحيات واسعة لرئيس الوزراء، منها تعيين محافظ البنك المركزي، فضلا عن تعيين مدير جهاز المخابرات العامة، وحدد عدد أعضاء المجلس التشريعي الانتقالي دون الإشارة لمكوناته الأمر الذي يختلف عن الوثيقة الدستورية التي حددت نسب للقوى السياسية».
وأشار الإعلان إلى قيام مجلس للأمن والدفاع برئاسة رئيس الوزراء، الأمر الذي يعتقد أنه «قد يقود إلى خلاف حول الإعلان الدستوري بين المكون العسكري والقوى السياسية لجهة إشارة البرهان لتكوين مجلس أعلى للقوات المسلحة». ورأى أن «الإعلان الجديد يمكن أن يدفع الأطراف للتوافق» مشيرا إلى أن اللجنة التسييرية لنقابة المحامين طرحت الإعلان الدستوري للتشاور مع إمكانية تعديل النقاط المختلف حولها.
ولفت إلى أن «خطوة طرح إعلان دستوري تؤسس لأن تحافظ العملية السياسية على الطرق السلمية في الوصول لحل سياسي، مؤكدا على أهميته في المساعدة على تكوين حكومة مدنية لإكمال الفترة الانتقالية». وتوقع أن «توقع أطراف عديدة على الإعلان السياسي الذي يأتي بعد هذا الإعلان ووصولها لاتفاق حول الفترة الانتقالية ومدتها الزمنية».

الراكوبة نيوز

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!