الرؤية نيوز

محمد عبد الماجد يكتب: نهاية دولة

0

(1)

يوم 27 سبتمبر عندما انقطع التيار الكهربائي عن بعض الاحياء لمدة وصلت لـ (15) ساعة وخرج سكان بعض الاحياء للشارع واغلقوا شوارع رئيسية في الخرطوم احتجاجاً على القطوعات شهدت بام عيني حالات التفلت التى اجتاحت العاصمة القومية وقد رأيت بعض الصبية يستغلون تلك الاوضاع ويعترضون احدى المركبات العامة ويخطفون الهاتف السيار من احدى السيدات عبر نافذة المركبة امام اعين الناس.
الخرطوم كانت يومها خالية من الوجود العسكري والامني في معظم شوارعها التى يوجد فيها (10) جيوش .. رغم اننا تحت وطأة الحكم (العسكري). كأنهم كأنوا يجهزون الى يوم دام جديد في السودان.
تبدو العاصمة قريبة من الدخول في عتمة فوضى عامة.. يصعب ضبطها اذا حدثت للعودة الى الوضع الطبيعي.
الكثير من الاحياء الكبيرة والشوارع الرئيسية في الخرطوم غير آمنة بعد الساعة العاشرة مساءً.. ما تعاني منه جوهانسبيرج في الامسيات اصبحت تعاني منه الخرطوم في وضح النهار.
هذه الامور في النهاية سوف تقودنا الى اللا دولة.. في ظل (اللا حكومة) الوضع الحالي الذي تمر فيه البلاد الآن وتنغمس فيه مِن أخْمَص القَدَم إِلَى قِمَّة الرَّأْس.
(2)

منذ انقلاب 25 اكتوبر وحتى وقتنا هذا لم اقرأ خبراً عن مشروع جديدة او بشرى قادمة.. لم اشاهد في كل الطرق التى امر بها اعمال صيانة او تأهيل.
لم ار ابتسامة صافية وضحكة تخرج من القلب.. كلهم يشكون .. كلهم ينافقون… اذا ضحكوا فهم يضحكون على الغير.
ليس هنالك مشاهد للبناء والاعمار في الدولة كلها – اضحت شوارع الخرطوم في حالة يرثى لها… كل الشوارع مخربة ومحفرة وحالتها بالبلا.
شارع في اهمية شارع افريقيا (شارع المطار) اصبح عبارة عن برك لمياه الامطار وحفر ومطبات ونفايات واشياء اخرى غير مفيدة.
شارع القصر وشارع المك نمر وشارع البلدية كل هذه الشوارع محفرة ومظلمة.
المظهر الخارجي للخرطوم اصبح طارداً.. هذه العاصمة التى كانت آية في الروعة يأتي لها النيل الازرق مهرولاً ليلاقي النيل الابيض وهو يفتح صدره بتلك البشاشة الفائضة.
غنى للخرطوم احمد المصطفى وسيد خليفة وحسن عطية .. وكانت شوارعها وحدائقها تجبر محمد بشير عتيق وعبدالرحمن الريح للكتابة عن ازهارها وطيورها.
لماذا تعرت الخرطوم بهذا الشكل ؟ واصبحت خالية من اي ملمح للجمال.. بل اصبحت تبدد الراحة والطمأنينة من النفوس.
شارع بشير النفيدي (شارع الستين) اضحى مكباً للنفايات.. اهالي الاحياء التى تقطن على جنبات هذا الشارع لا يجدون لنفاياتهم غير ان يعرضوها مثل التجارة الكاسدة في منتصف الشارع.
حتى القطط والكلاب اصبحت تتعفف من مناطق كنا نأتي اليها للنزهة والاستجمام والسياحة.
في الخرطوم كانت جنينة الحيوانات وقاعة الصداقة وحدائق 6 ابريل.. وكانت امدرمان تتجمل بالمسرح القومي والاذاعة والتلفزيون والطريق الشاقي الترام.
اذا كانت شوارع الخرطوم بهذا الظلام والنفايات فلا تبحث عن الأمن – من الطبيعي في ظل هذه البيئة ان تحدث مثل هذه التفلتات والجرائم.
نحن مقبلون على عاصمة سوف تصبح ميداناً للعراك والصراع والنهب والسلب والضرب.
(3)

في العهد البائد كانت الاوضاع تزيد سوءاً يوماً بعد يوم لكن كان (الكيزان) يملكون قدرة على بث التطمينات والبشريات في خطابهم الاعلامي.. كنا في حاجة الى ذلك (المخدر) وان كان خداعاً من اجل خلق شيء من التوازن الداخلي.
الخطاب الاعلامي في العهد البائد كان خادعاً.. لكنه كان يبعث شيئاً من الامل في النفوس .. كانوا يغنون ويقيمون المهرجانات السياحية ويفتتحون مشاريع وان كانت وهمية كانت تحدث نوعاً من الحراك الايجابي في المجتمع.
الآن لا يمتلكون قدرة حتى على الوعود… تهمهم اللحظة الحالية التى يريدون ان يخرجوا منها باكبر قدر من المكاسب والارباح .. هؤلاء الذين يحكمون الآن يدركون ان (الغد) لن يكون لهم لذلك يريدون ان يخلصوا حقهم اليوم.. الكيزان كان عندهم عشم في الغد.
(4)

هذه الدولة بوضعها الحالي لن تصمد كثيراً سوف نكون كلنا شركاء في هذا الانهيار والضياع والاشلاء.. لا تظنوا ان تلك (البلاوي) سوف تنزل في رؤوس العسكر وحدهم.. سوف تنزل هذه البلاوي في رؤوس الجميع.. وسوف نسأل كلنا من تلك النهاية المحزنة التى سوف نورد لها (الوطن).
عندما يسقط وطن.. لا وقت للمحاسبات الفردية والخاصة. لقد انتقلنا من مرحلة اسقاط الحكومة الى مرحلة اسقاط الوطن.. وهذا ما سوف ندفع ثمنه جميعاً.
الشعب السوداني الآن بدون حكومة وقريباً لا قدر الله يمكن ان نكون بدون وطن.
ادركوا السودان قبل التلاشي الاخير.
(5)

بغم
(9) طويلة القادمة.. بتشرب قهوة وتلبس بدلة وكرفتة وميري.
(9) طويلة القادمة.. بتتكلم في السياسة والدبلوماسية.
(9) طويلة القادمة.. بترفع شعار السلام والحريات والامن والاستقرار.
(9) طويلة القادمة.. سوف تكون مننا وعلينا.
وربما يتصدر وسم (9) طويلة تمثلني.
وكل الطرق تؤدي الى (المدنية).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!