30 يونيو .. مخاوف ومحاذير
الخرطوم : وجدان طلحة
لا حديث هذه الايام غير يوم 30 يونيو القادم، قوى سياسية أعلنت أنه سيكون آخر يوم للحكومة الحالية، وسيتم إسقاطها، لأنها لم تحقق أهداف ثورة ديسمبر، مشيرين إلى أنها لم تهتم بالمواطن بل وازداد الوضع سوءا مما كان عليه قبل 11 ابريل 2018م .
سيناريوهات عديدة رسمها خبراء ومحللون سياسيون في 30 يونيو، وتساؤلات حول هل سيحدث انقلاب ناعم من (العسكر)؟ ام سيصل الإسلاميون إلى السلطة رغم انهم اعلنوا انهم غير راغبين فيها؟ وهل ستتحقق امنية بعض القوى السياسية بإسقاطها ؟.
10 سنوات
مراقبون سياسيون اعتبروا أن الحديث المتكرر للإسلاميين بعدم رغبتهم في السلطة الآن، ليس صحيحا، فالدلائل تُشير إلى انهم يسعون اليها بشتى الطرق، منوهين إلى انهم ظهروا في الساحة السياسية بواجهات جديدة، كما انهم السبب في الفوضى التي تحدث الآن، لإفشال الفترة الانتقالية .
آخرون اكدوا أن الإسلاميين لا يريدون السلطة لأنهم يعلمون أن العالم سيقف ضدهم، واذا عادوا فسيرجع السودان إلى المربع الاول من حصار وغيره، كما أن الشعب السوداني جربهم لـ(30) عاما واطاح بهم بثورة شعبية، بالتالي لا يمكن أن يجربهم مرة اخرى.
واشاروا إلى أن غاية ما يطمع فيه الإسلاميون الآن هو أن لا يتم استهدافهم، بالتالي هم الآن في مرحلة البقاء العضوي، موضحين انهم يحتاجون إلى مراجعة فكرية، ويمكن أن تكون حدثت بالفعل وليست علنا .
لكنهم مايزالون يتخوفون من لجنة التمكين ويشعرون انها تتمتع بالشرعية الثورية بالتالي ليست في صالحهم، ويكفيهم أن يسلمون من قراراتها أفراداً وممتلكات .
وبكل تلك المعطيات يصبح تفكيرهم في السلطة ليس في المدى القريب، ما يحتاجونه الآن من هذه الحكومة الحالية او حكومة اخرى أن تتركهم، وهم لا يعارضون قراراتها التي كانوا يعتبرونها سابقا خطا احمر .
المفكر الإسلامي حسن مكي اكد في تصريح لـ(السوداني) أن الإسلاميين يحتاجون إلى مراجعات، مستدركا: الآن الذين يحكمون في الجانب العسكري هم امتداد للإسلاميين.
مكي قال إن الإسلاميين يحتاجون إلى 10 سنوات لإجراء مراجعات لتكون لهم امتدادات أفقية ورأسية، واضاف أن الحديث عن أن الإسلاميين سيخرجون من السجن إلى الحكم لن يتكرر ابدا، كما حدث في عهد نميري.
انقلاب ناعم :
مراقبون سياسيون اشاروا إلى أن الانفلات الأمني يمكن أن يتسع ويشمل مناطق كثيرة، ويصعب السيطرة عليه، واذا حدث فلن يكون في مصلحة حكومة الثورة، لانه سيعكس عجز الاجهزة المناط بها حماية المواطنين وانها ليست بخير، بل وهي نفسها تحتاج إلى من يحميها من اشياء ربما تؤدي إلى تفتيتها .
وأشاروا إلى انه لو استمرت الفوضى ربما تؤدي إلى اعلان حالة الطوارئ ويتطور الأمر إلى أن يتم استلام السلطة وفق القانون العسكري، وهذا ما يعتبره البعض انقلابا عسكريا ناعما.
الخبير العسكري اللواء أمين إسماعيل يذهب في حديثه لـ(السوداني) إلى انه اذا استمرت السيولة الأمنية يمكن أن تؤدي إلى اعلان حالة الطوارئ، مشيرا إلى انه يتم اعلانها عندما تعجز قوات الشرطة عن مجابهة اي تفلتات امنية وتطلب تدخل القوات المسلحة وتتسلم ادارة كل الاجهزة الامنية حتى اخماد الاضطرابات، مشيرا إلى أن السلطة الامنية تظل في مكانها، وبعد هدوء الاحوال ترجع الشرطة لاستلام مهامها.
إسماعيل اوضح أن التفلتات الأمنية التي تشهدها بعض المناطق لها عدة اسباب من بينها الضائقة الاقتصادية، وقال انها ادت إلى تقاطعات بين الاجتماعي والسياسي، مشيرا إلى انخراط مجموعة من الشباب في لجان المقاومة وقاموا بتصعيد يتمثل في اغلاق بعض الطرق والجسور، واستغلت بعض العناصر الاجرامية الجنائية والسياسية ذلك التصعيد للإضرار بالممتلكات العامة والخاصة للمواطنين، واضاف “هذه سيولة امنية” .
وقال إن المواكب هي حرية تعبير لم تتصدَّ لها الشرطة، واضاف :لكن بعد أن تجاوزت الخطوط الحمراء تم توجيه الشرطة والامن للتصدي للخارجين عن القانون.
ودعا اسماعيل الثوار الذين سيخرجون في نهاية الشهر الجاري إلى عدم التخريب حتى لا يسمح للعناصر الاجرامية بالاستفادة من هذا الوضع، وقال لا بد أن يكون الثوار واعين وكذلك الاجهزة الامنية، معتبرا أن هذه المواكب تمارين ديمقراطية تستفيد منها كل الاحزاب السياسية والشعب السوداني للتأسيس لتجربة جديدة بعد حكم ديكتاتوري .
سيناريوهات محفوظة:
محللون سياسيون اشاروا إلى انه يمكن أن يمكن أن يستلم (العسكر) السلطة لـ6 اشهر وبعدها يتم اجراء انتخابات، لكن آخرين استبعدوا هذا الامر رغم انه الاقرب وانه بمثابة جراحة عسكرية، مشيرين إلى انه لن ينجح لوجود اكثر من جيش في السودان والقوى المادية ليست محتكرة لجهة واحدة، مستدركين : اذا حدث سيحول البلاد إلى فوضى وستكون هناك معارضة مسلحة، ويمكن أن تحدث فوضى سيستفيد منها الإسلاميون .
عضو تجمع المهنيين حسن فاروق اشار في تصريح لـ(السوداني) ، الى أن ما حدث منذ 11 ابريل 2018م وحتى الآن، هو انقلاب عسكري، لكن بمشاركة المدنيين، وبما انه اخذ الصبغة المدنية فلن يجد العسكريون افضل من هذا النوع من الانقلاب، واضاف “وهي نفس الحكومة السابقة فقط تغيير اللاعبين فقط”، وقال إن ثورة ديسمبر جاءت بدم الشباب وهي ليست نزهة، ويوجد غبن من الشباب لأنهم لم يجدوا التغيير الذي دفعهم إلى مجابهة الرصاص، وقال “الحكومة في وادٍ والثوار في وادٍ آخر”.
فاروق اكد أن الثورة محروسة بـ(الجيل الراكب راس)، وهو رافض للانقلاب الذي حدث واستلام اللجنة الامنية للرئيس السابق للسلطة، مؤكدا أن الشارع سيخرج لتغيير الحكومة في 30 يونيو القادم، وقال “من قدمتهم الثورة للمناصب متماهون مع النظام القديم لانه يخدم مصالحهم”، واضاف : خانوا الثورة وسيخرج الثوار بشعار (تسقط بس) لتغييرهم.
واعتبر أن الفوضى التي حدثت الآن هي عمل مرتب وسيناريو محفوظ منذ 2013م، وقال “يتم توزيع مجموعات لعكس صورة مشوهة عن الثورة، وتشويه لجان المقاومة”، مستدركا: الشارع وعي هذا الامر وعازم على السير في اتجاه التغيير، مشيرا إلى انها اطول ثورة في العالم ولم تتوقف منذ سنتين .
ورأى انه لم تتم اي هيكلة لجهاز المخابرات العامة، او الاجهزة النظامية الاخرى، وما يزال عناصر النظام السابق موجودين فيها ويقومون بأدوار لإجهاض الثورة، وقال “الإسلاميون هم المستفيدين الآن من الوضع الحالي”، مشيرا إلى أن المصالحة مع الإسلاميين نادى بها قادة بعض حركات الكفاح المسلح .
إسقاط الحكومة :
مراقبون سياسيون انتقدوا الاحزاب التي تطالب بإسقاط الحكومة ومايزال وزراؤهم موجودين بالجهاز التنفيذي، واعتبروا هذه المطالبة شفهية ولا يتبعونها بعمل، وقالوا “ربما تهديد من تيارات داخل تلك الاحزاب نتيجة لصراعات داخلية”، واضافوا “لن يجدوا افضل من هذه الحكومة التي احيتهم من جديد وكانوا نسيا منسيا” .
واستبعدوا سقوط الحكومة في 30 يونيو، وقالوا إن شرارة اسقاطها كان بعد اعلان زيادة الوقود، لكن التعبير عن رفضها كان ضعيفا، عكس ما كان متوقعا بأن يقضي الثوار ليلتهم في تصعيد ثوري وكذلك المواطنون، لكن مر هذا الحدث عاديا جدا، مستدركين : صحيح حدث تتريس لبعض الطرق في اليوم التالي، لكن كان خصما على لجان المقاومة لانه احدث فوضى في بعض المناطق .
وكان قد رفض الحزب الشيوعي الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود وهدد بإسقاط الحكومة وسياساتها في مسيرة يوم 30 يونيو، وقال إن الشعار المرفوع سيكون (تسقط بس)، ليكون السقوط مدوياً كما حدث لحكومة المخلوع .
وهدد القيادي بالحزب كمال كرار في تصريح سابق لـ(السوداني) أمس، بسقوط الحكومة في 30 يونيو .
فيما طالب رئيس اللجنة الاقتصادية بـ(الحرية والتغيير) د.عادل خلف الله في تصريح لـ(السوداني) بإلغاء التسعيرة الجديدة، وحذر الحكومة من غضب المواطنين بسبب الزيادة، وقال ” المواطن فات حد الصبر والحكومة زادت الطين بلة”.
السوداني