هاجر سليمان تكتب: مشروع فصل المنطقتين
أصابتني الدهشة حينما اطلعت على القرار الدستوري الصادر من رئيس مجلس السيادة الانتقالى الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان والذي منح بموجبه المنطقتين النيل الأزرق وجنوب كردفان حكماً ذاتياً، وأحسب أن دهشتي تعزى إلى حدوث ما كنت أتوقعه بالضبط ويبدو لي أن الحكومة الانتقالية أو كما يحلو لنا تسميتها بحكومة الإنقاذ (٢) ماضية في خط تقسيم البلاد بنجاح، فقبل فترة صدر القرار بتعيين حاكم لدارفور وتسمية مني أركو مناوي حاكماً عاماً ولعل هذه الخطوة تكرس لفصل دارفور عن السودان الشمالي وتؤسس لمبادئ الانفصال ليحدث مثلما حدث مع الجنوب في عهد (الكيزان) فقد مضى الانفصال على مراحل كما يحدث الآن.
واليوم وعلى نحو مفاجئ يفاجئنا البرهان بقرار منح المنطقتين حكماً ذاتياً ليكون بذلك الرجل قد وضع أولى لبنات الانفصال وإعطاء حق تقرير المصير للمنطقتين بالإضافة إلى دارفور فهل الحكومة الانتقالية تسعى لإنفاذ مخطط تفكيك السودان إلى دويلات حتى لا يبقى منه إلا ما يعرف بمثلث حمدي وهو يشمل شمال كردفان والنيل الأبيض والخرطوم والجزيرة والبطانة ونهر النيل والشمالية دون ذكر مصير الشرق أو دارفور أو المنطقتين وها هي الحكومة الانتقالية الآن تشرع في اتخاذ خطوات تفضي لذلك الانفصال.
إن قرار البرهان بمنح الحكم الذاتي يعتبر من الخطورة بمكان لأنه بات واضحاً الغرض منه في ظل هذه الظروف وأحسب أن البرهان ماض في إنفاذ مخطط التقسيم على أرض الواقع وسنظل نرقب العديد من القرارات التي تصب في مصلحة دعم خيار الانفصال إلى أن يأتي الوقت المناسب لإعلان موعد حق تقرير المصير.
منذ سنوات ظلت المخابرات الأمريكية والموساد الاسرائيلي يخططان لتفكيك السودان إلى دويلات وهذا ما يفسر الدعم العسكري الذي ظلت تتلقاه الحركات المسلحة واستمرت على مدى سنوات تحارب به الحكومة السودانية، فكان أن قتل الآلاف من أبناء السودان في حروب جنوب السودان ودارفور وجنوب كردفان، واستنزفت تلك الحروب أموالاً طائلة كان بالإمكان استغلالها في التنمية والتطوير وتحسين مستوى الدخل القومي للفرد والمجتمع، ولكن لحاجة في نفس أمريكا والموساد ظلت تلك الحروب متأججة بفضل الدعومات التي يقدمونها لتلك الحركات.
لم ينته بعد مسلسل التقسيم والتفصيل وسيظل المخطط مستمراً طالما أن أمريكا وإسرائيل وعدد من الدول الأوروبية ما زالت تقدم الرعاية والدعم المادي واللوجستي لعدد من زعماء المعارضة و الحركات المسلحة وعلى رأسهم عبدالواحد محمد نور وعبد العزيز الحلو وآخرين، هؤلاء سيظلون يتلقون الدعم لإنفاذ مخططات داخلية وسيستمر مسلسل الضغط الداخلي وأكبر دليل على أن المستفيد الأكبر هو أمريكا وإسرائيل هو عدم قيامهم بالضغط على زعماء المعارضة للانضمام إلى ركب السلام، حيث ما زالوا يستغلونهم ككرت رابح لإخضاع الحكومة السودانية وإرغامها على الاستجابة لمطالب زعماء المعارضة وبالتالي ضمان إنفاذ الأجندة المخطط لها.
الأيام القادمة ستكون حبلى بالمفاجآت.. ويوم (٣٠) يونيو قرب والله يكضب الشينة..