صلاح الدين عووضه يكتب:قاعدين ساكت !!
أو قعودٌ بلا معنى..
أي قعود مثل عدمه ؛ لا هدف له…ولا فعل…ولا حتى ردة فعل..
والعنوان هذا من عاميتنا السودانية البليغة..
وأستاذ الفلسفة المعاصرة – المصري – كان يجادلنا في مقولة (يتكلم ساكت)…وهو يضحك..
يجادلنا من زاوية فلسفية…زاوية الشيء ونقيضه..
ولكنه كان بها معجباً ؛ فالذي يتكلم كلاماً فارغاً كأنما لا يتكلم…كأنما هو ساكت..
وكذلك الذي يقعد هامداً…وساكتاً..
سيما إن كان القعود هذا على كرسي ذي شأن ؛ يتصل بشؤون الوطن…والمواطن..
وفترتنا (الانتقامية) هذه تعج بالقاعدين ساكت..
وإحدى القاعدات ساكت هؤلاء قالت كلاماً ساكتاً أمس…كلاماً فارغاً…كلاماً أي كلام..
وليتها سكتت – فعلياً – وتنعمت بمزاياها في صمت..
مزايا لم تتوافر لقيادات أي حكومة في بلادنا من قبل ؛ حتى لقادة الإنقاذ الجشعين..
وأنا هنا أقصد المزايا القانونية…لا التي خارج إطار القانون..
ويكفي أن نثرية شاغل الكرسي الرفيع بحكومتنا هذه تبلغ – لوحدها – ملياراً ونصف المليار..
نثرية شهرية ؛ ودعك من باقي الامتيازات..
رغم إن وطننا يمر بأسوأ أزمة اقتصادية له في تاريخنا المعاصر…والحديث…وحتى القديم..
والتي تكلمت كلاماً ساكتاً هذه هي عضوة السيادي نيكولا..
هل منكم من يتذكرها؟…أنا شخصياً لا أذكر إلا أنها كُلفت بمهمة لجنة استئنافات المفصولين..
وقالت حينها كلاماً ساكتاً…ثم واصلت قعودها الساكت..
فليتها إذن اكتفت بالقعود الساكت هذا…على رأس لجنة ساكتة…ولم تضف إليه كلاماً ساكتاً..
ثم قبضت نثريتها – ومخصصاتها – من سكات..
قالت – وليتها لم تقل – أن أمر دمج الدعم السريع في الجيش متروك للبرهان وحميدتي..
علماً بأن الشخصين هذين عضوان معها في السيادي..
ونحن نعلم – عموماً – أن المكون العسكري بالسيادي هو المهيمن على هذا المجلس الرئاسي..
والبرهان – تحديداً – هو الذي يفعل ما يريد..
وبقية الأعضاء المدنيين – مثل نيكولا – قاعدين ساكت ؛ وإن تكلموا تكلموا كلاماً ساكتاً..
ولكن الحكمة تقول : إذا بُليتم فاستتروا..
ونيكولا بحديثها الساكت هذا فضحت نفسها – ورفقائها المدنيين – أكثر…فأكثر..
فلماذا يصمتون على تجاوزات البرهان هذا؟..
بل ولماذا يصمتون على تجاوزان العسكر عموماً – بالسيادي – وكأنهم أعضاء مجلس ثورة؟..
ومعلوم أن الثورة نعني بها هنا الانقلاب ؛ بالمفهوم العسكري..
أو بمفهوم الانقلابيين من العسكر ؛ كيلا نظلم العسكريين كافة…وفيهم من يرفض الانقلابات..
وقبل يومين كتبت خاطرة – خاصة – أقول فيها :
أصدر عبود ؛ عفواً….أصدر نميري ؛ عفواً….أصدر البشير ؛ عفواً….أصدر البرهان..
نعم البرهان ؛ أصدر قراراً بمنح المنطقتين حكماً ذاتياً..
هكذا بمزاجه…بهواه…بجرة قلم…على كيفه ؛ بعيداً عن بقية زملائه بالمجلس السيادي..
بل وبعيداً عن أعين الضوابط الدستورية الراهنة..
تماماً كبقية الجنرالات السابق ذكرهم…فهم كانوا يصدرون من القرارات ما يحلو لهم..
يتصدق عبود بمدينة حلفا..
ويحل النميري الرياضة…ثم يعيدها على كيفه ؛ ويمنح البشير سواكن لتركيا..
ولكن هل نسي البرهان أنه ليس كهؤلاء؟..
هل نسي أن أقرب مثال له هو سوار الذهب ؛ لا عبود…ولا نميري…ولا البشير؟..
هل نسي أنه رئيس – وبالتناوب – لفترة انتقالية…ثورية؟..
وأن الفترات الانتقالية لا قرارات مصيرية خلالها إلى أن تأتي الحكومة المنتخبة؟..
طبعاً نسي ؛ ما دام الذين من حوله قاعدين ساكت..
قاعدون وبس ؛ ولا يقومون إلا لقبض النثريات…أو ركوب الفارهات…أو التوجه إلى المطارات..
أنظروا إلى قرارات البرهان المصيرية..
من لدن التطبيع…وحتى التصديق على الحكم الذاتي لجبال النوبة والنيل الأزرق..
وبسلامتهم – أمثال رجاء نيكولا – قاعدون..
قاعدين سااااكت !!.
❆ الحـــراك السياسي