الرؤية نيوز

متوكل أبوسن يكتب: الجنائية وجحر الضب

0

صب المدعي العام الجديد للمحكمة الجنائية، البريطاني، في مؤتمره الصحفي الذي عقده امس بالخرطوم ، ماءا باردا على ما اثير حول مجيئه للسودان، وهو يؤكد ان القيادة السودانية نقلت له انه لم يحن الآوان بعد للحديث عن تسليم الرئيس السابق المشير عمر البشير ومن معه..!!
انا هنا لست بصدد الحديث عن خطورة خطوة تسليم الرئيس البشير ومن معه على امن البلاد واستقرارها ، ولا عن تسييس العدالة فالمحكمة الجنائية نموذج (حي يمشي على رجلين) ، وانما بقصد توضيح بعض الحقائق الغائبة عن البعض بخصوص (فزاعة) الجنائية والتي ارى أنها غير جادة في استلام الرئيس البشير ومن معه للتحقيق معهم حول مزاعم ارتكاب جرائم حرب في اقليم دارفور، خاصة بعد ان تحقق الهدف الذي وجهت من اجله الاتهامات لقيادات الحكومة السابقة وهو فصل جنوب السودان..
ففي تقديري ان المحكمة الجنائية كانت احدى ادوات التصعيد والضغط الدولي على الحكومة السودانية من اجل عدم التلكؤ والمماطلة في اجراء استفتاء، جنوب السودان الممهد للانفصال بوصفه هدف استراتيجي (للصهيو امريكان) ، وان الامر لا علاقة له بالحرب في دارفور ولا يحزنون..
وحتى حكومتنا الحالية البائسة (ركبت الموجة)، وجعلت من الطرق على موضوع تسليم المتهومين للمحكمة الجنائية، وسيلة لصرف الانظار عن كارثة من كوارثها او ازمة من ازماتها او فضيحة من فضائحها.
وفي شئ من الدقة يفضل من يحركون المحكمة الجنائية من اللاعبين الدوليين أن تظل دعواها الفطيرة بمثابة حبل يشدونه متى ما ارادوا الحصول على تنازلات من الحكومة السابقة، وبعد سقوطها انتفى الغرض من ادعاء المحكمة الجنائية التي فضلت لسنوات ان تتعامل مع المتمردين في اقليم دارفور على انهم مظلومين، وكان الاولى اذا ما كانت المحكمة الجنائية تتمتع بذرة من العدالة او الاخلاق، أن يتم التعامل مع قيادات الحركات المتمردة في دارفور كمجرمي حرب وتصدر بحقهم مذكرات توقيف حتى يثبت العكس، فالقيادة السودانية لم تختلق حرب دار فور من بنات افكارها، ولا اعتقد ان هناك حكومة في العالم تقف مكتوفة الايدي امام تمرد مسلح وتقدم الزهور والورود للمتمردين المسلحين الذين يهاجمون المدن والقرى وقوافل السلع الاستهلاكية والوقود المتجهة من المركز الى ولايات دارفور..!!
، كما انه لايوجد قانون في العالم يمنع الحكومات من التصدي بقوة السلاح للحركات المتمردة المسلحة.
كان والي ولاية شمال دارفور السابق، واحد المتهومين الخمسة من قبل المحكمة الجنائية مولانا احمد هاون، ذكيا وهو يدبج من محبسه مقالا مطولا زاخرا بالاسانيد القانونية وحجج المنطق ارتقى الى مصاف المرافعات القانونية، تحدى فيه حكومة الفترة الانتقالية الحالية مطالبا بتسليمه للمحكمة الجنائية، لانه عرف بطلانها وكنه مقصدها من جهة وتعقيدات القضية التي بلا شك ستجر اسماء متهمين كثر من بينهم مسؤولين رفيعين في الحكومة الحالية، وكافة قيادات الحركات المسلحة (الدارفورية) وإن تسمت بمسمى حركات الكفاح.
فإن كانت هناك جرائم حرب قد ارتكبت في دارفور فهي بلا شك شراكة بين الحكومة والحركات المتمردة التي عليها الاجابة على سؤال واضح.. من فوضكم لرفع السلاح ضد الحكومة؟؟
وربما انطلق هارون من قناعة راسخة في أن خطوة الرضوخ للمحكمة الجنائية على خطورتها على امن ومستقبل البلاد، وهو ما تخشاه الاطراف الدولية، ستهيل التراب على جسد القضاء السوداني.
فتسليم المطلوبين فيه اقرار بعجز القضاء السوداني ومن ثم عجز الدولة السودانية، ويمكن ان يؤدي الى مواجهات مسلحة تدخل البلاد في نفق الحرب الاهلية، فالاطراف الدولية تعي جيدا ان الرئيس البشير. يمثل رمزية للقوات المسلحة والشعب السوداني الذي لن يقبل باي حال من الاحوال أن يهان رمز من رموزه.
لذلك ارى أن المحكمة الجنائية الان والتي تعاني من ازمة مالية جعلتها تناشد الحكومة السودانية بدفع نفقات محاكمة علي كوشيب بوصفه احد المطلوبين الخمسة وقدرها ثمانية مليون يورو، باتت محشورة في (جحر ضب) وفي وضع لا تحسد عليه يماثل نكتة اللص المخيف الذي طارده اهل الحي ليلا، وكان من بينهم من يدعي البطولة والقوة، وحينما تباعدت المسافة بين اللص ومطارديه توقف اللص لينظر من هذا الذي يصر على تعقبه دونا عن اهل الحي و الذين اعياهم الركض فتفرقوا لاهثين، فما كان من الرجل حينما تفاجأ باللص واقفا وفيه بسطة في القوة والجسم ، الا ان صاح في وجهه :موش انت الحرامي؟ وقبل أن يحصل على اجابة تابع حديثه : طيب ما تجري واقف مالك؟؟!!

®سودان لايڤ

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!