الرؤية نيوز

حسبو عبدالرحمن ..قصة صعود للقمةوهبوط للقاع

0

الخرطوم/ يوسف عبد المنان

تخرج في الجامعات المصرية، درس الجغرافيا وعُين ضابطاً إدارياً في عام 1990 فيما عرف وقتها بالضباط الرساليين، نظرا لانتمائه للحركة الإسلامية، منذ دراسته الثانوية بنيالا، وفي مصر كان من بين قادة رابطة الطلاب السودانيين، بالجامعات والمعاهد المصرية، و من أبناء جيله الراحل د. ابراهيم هباني، والصحافي عثمان ميرغني، ومولانا أحمد محمد هارون، لم يعمل طويلا في سلك الضباط الإداريين، حيث صعد برافعة الحزب والتنظيم إلى منصب مفوض العون الإنساني بجنوب دارفور، وانتظم مبكراً في أمانة المعلومات بالحركة الإسلامية، التي أصبحت فيما بعد بالأمن الشعبي، وحينها بدأ الصراع صامتاً بين أهل النظر وأهل الفعل، وهو صراع له جذور عميقة في تربة الدولة الإسلامية، منذ ماقبل سقوط الخلافة الإسلامية، وبروز الدولة الأموية بوجهها العربي، ويعتبر في ذلك الزمان سيدنا معاوية ابن أبي سفيان ابرز تجليات هذا الصراع بانتصار أهل الفعل على أهل النظر..

وفي الحركة الاسلامية صعد التيار العملي الواقعي على تيار أهل الفكر والنظر، فانتحي أمثال حسن مكي والتجاني عبدالقادر والمحبوب وأحمد عثمان مكي جانبا، وصعد على كرتي وأسامة عبدالله وحسبو محمد عبدالرحمن الذي صار مفوضاً للعون الإنساني، ثم انتخب عن دائرة بحر العرب نائبا في المجلس الوطني، وهي الدائرة التي كان في قديم الزمان منطقة مغلغة لأول نقيب للمحامين السودانيين من الرزيقات، عقيل أحمد عقيل، وكان يتوقع حسبو مجرد دخوله البرلمان أن تُسند إليه رئاسة لجنة، وحينها لم يتحدث، وظل مجرد نائباً برلمانياً أقرب في روحه ومواقفه الناقدة للأداء التنفيذي للمعارضة، وفي ذلك الوقت كانت قضية دارفور قد تفاعلت آثارها داخل حكومة البشير الذي استبدل موسى هلال زعيم قبيلة الرزيقات المحاميد برزيقات من الماهرية هم محمد حمدان دقلو وشقيقه عبدالرحيم، وغير بعيدٍ منهم عمهم وابن خالتهم حسبو محمد عبدالرحمن، الذي صعد بصورة مفاجئة لاعتبارات قبيلة محضة لمنصب نائب رئيس الدولة، خلفاً للدكتور الحاج آدم يوسف، وتخطي حسبو من أبناء السابقين له في الكسب داخل الحركة الإسلامية، على الحاج، والشيخ التجاني سراج، والمهندس صالح عبدالله ويوسف لبس، وعلى محمود، وداخل الرزيقات صافي النور والعديد من نجوم دارفور.. ولكن الرافعة القبلية فعلت فعلتها، ورعاية حسبو لقوات الدعم السريع وضعته في مركز قوة، داخل النظام الحاكم ومع التمدد التنفيذي والصعود السياسي في المؤتمر الوطني، قفز حسبو إلى منصب احد نواب الحركة الإسلامية، التي انتقلت من الشيخ علي عثمان إلى الزبير أحمد الحسن، وكان نوابه على كرتي وحسبو محمد عبدالرحمن الذي أضفى بحركته الدؤوبة وحماسه على القصر الرئاسي القا وشكل حسبو حضورا دائم في مسارح الولايات، وخاصة دارفور حتى ضاق البشير به وبصورة مفاجئة، أصدر قرار إعفائه وتعين أحد قيادات دارفور المحسوبة على القبائل غير العربية، عثمان محمد يوسف كبر، وجلس حسبو في الظل حتى سقطت الإنقاذ، ومن المفارقات أن اعتقال حسبو وايداعه السجن تم بيد أبناء اخته أبناء عبدالرحيم دقلو، وكان من أواخر القيادات التي رحلت لسجن كوبر، ولكنه ظل في كوبر مجرد نزيل لم تفتح له اية ملفات بما فيها ملف الشئون الإنسانية الذي ثار حوله لغط كثيف قبل سقوط الإنقاذ..

داخل السجن عاش حياته مثل غيره من سجناء الضمير ولسان حاله وحال رفاقه يردد:

أن طال في السجن ايداعي

فلا عجبا قد يودع حد الصارم الجفن

مكث بضع شهور وأطلق سراحه وبقي رفاقه، يعانون وحشة السجن وقسوة السجان وفي بيته بضاحية اركويت عادت للرجل حراسة مشددة وكاونتينه من أمام بيته يقيم فيها خمسة من الجنود الغلاظ الشداد لا من الشرطة ولا جهاز الأمن ولكنهم من قوات الدعم السريع التي أضحت ذات نفوذ وقوة وبطش داخل الدولة ،ذهبنا إليه مع الصديق عبدالماجد عبدالحميد بعد أن اتفقنا على الموعد بعد صلاة الظهر في ذلك اليوم الشتوي البارد وعندما أوقفت السيارة أمام البيت الذي أعرفه وتعرفيني حوائطه ولنا فيه ذكريات مع صديق آخر، فزقت الأقدار بيننا من قطر إلى قطر آخر، حاله ليس كحال الناصر قريب الله الذي قزفت به الايام من بيد إلى بيد، انتهرني العسكري الذي يحرس بيت حسبو بفظاظه عهدناها منهم طوال خدماتنا في بلاط الصحافة طلب العسكري إيقاف العربة بعيدا عن باب المنزل وامرنا بالوقوف إلى حين مراجعة أسمائنا مع الضابط ثم سمح لنا بالدخول..

يقابلنا حسبو ببشاشة وهو يرتدي جلباب ناصع البياض وعمه ومركوب من جلد النمر وعلى يده عصاة كأنه خارجا لاجتماع للمكتب القيادي للحزب الذي صار محلولا على الأقل من الناحية العملية، لمدة ثلاثة ساعات ظل حسبو يتحدث إلينا وعبدالماجد ينظر حينا إلى أناقة الرجل يمد يده لعلبة حلاوة الماكنتوش التي حرمت منها بداء السكري اللعين قدم الرجل مرافعة طويلة عن قوات الدعم السريع وموقفها من قيادات الإسلاميين والدور الذي لعبه عبدالرحيم دقلو تحديدا في حماية رموز الموتمر الشعبي من أن تفتك بهم الجماهير فيما عرف بحادث قرطبة ودافع حسبو عن حميدتي الذي جرى ترتيب من طرفه لجمعه في لقاء خاص بعلي كرتي والذي انتهى الا لاشي واجتماع آخر بغندور ولكن في كل لقاء واتفاق ينكص قادة المؤتمر الوطني بعدهم مع الدعم السريع ونحن لانملك الدفاع عنهم لأن كثير من المعلومات التي تحدث بها حسبو طوال الساعات الثلاثة كانت من المعلومات السرية بعضها لايحق لنا نشرها الان ولا نفيها ولا الجزم بصدقها وكلما سأل عبدالماجد حسبو عن موقف للحركة الإسلامية قطب الرجل وجهه وبعد أن تذوقنا وجبة غداء أعدتها الأخت الفاضلة زينب أحمد الطيب ودعنا الرجل وكأنه الوداع الأخير ولأن أسرار مثل هذه اللقاءات تظل طي الكتمان لم نشأ هنا تقديم شيئا عن ماقاله الرجل عن مواقف الدعم السريع

غادرنا البيت العامر بالحركة الدؤوبة واغلب من وجدنا هناك من عشيرته الرزيقات.

وكانت ظلال الحرب لم تخيم بعد على البلاد ومع تصاعد العمليات العسكرية وخروج معظم المواطنين من حي اركويت بقى حسبو محاطا ( بحاميتي) من قوات الدعم السريع وتناسلت الكلمات عن الرجل ومواقفه وشانه كمعظم قادة القبائل العطوية الثلاثة اي الرزيقات والمسيرية والحوازمة لم يصدر منه ولا منهم إدانة للحرب والقتل والسحل والنهب الذي لم يمتد بطبيعة الحال لدار حسبو حتى أطل الرجل اطلاله شهيرة وهو يقوم بمراسم زواج لأحد عناصر الجنجويد في بيت رجل أعمال احتله الجنجويد (البرجوب) وهو صديق لحسبو ولكن افترقت الدروب وإذا كان حسبو نائب الأمين العام للحركة الإسلامية قد اتخذ موقفا منذ خروجه من السجن ولم يعد مشاركا في اجتماعات الحركة الإسلامية ولا المؤتمر الوطني فإن الحركة والحزب حتي اللحظة لم يصدر منهم تعليقا على مواقف حسبو الجديدة بعد خروجه من السجن، بل جاء في الأنباء أن الرجل قصير القامة حاد النظر تم نقله من الخرطوم إلى نيالا تحت حماية الدعم السريع ليعود لنيالا البحير غرب الجيل ولكن لو امعن النظر في طرقات المدينة التي كانت والأسواق التي نهبت والأحياء التي حطمت والسكان الذين هجرتهم الحرب ولفظت بهم إلى ماوراء الحدود لما مضى في ماهو مقبلا عليه فقد صارت المدينة الثانية من حيث عدد السكان في السودان بعد الخرطوم حطاما تزره رياح الصيف (ام كتكري)

والاسبوع الماضي جاء في الاخبار أن حسبو تم نقله من نيالا الا الجنينه وهو ضيفا مرحبا به من قبل أبناء عمومته من الجنجويد الذين حرقوا الجنينه وحطموها كما حطم عرب الشتات مدينة القيروان التونسية في التاريخ القديم.

بعد كل هذا السرد نلج للأسئلة الصعبة والاجابات الغائبة عن دور حسبو ومستقبله السياسي؛؛

ونبدأ بالسؤال لقادة حزب المؤتمر الوطني وللحركة الإسلامية هل لايزال حسبو عضوا في المكتب القيادي للحزب ونائبا لأمين الحركة الاسلاميه؟؟ وإذا كانت الإجابة بنعم فإن السؤال الذي يخرج من ثنايا الإجابة هل بعد الدم والتضحيات التي قدمها الشباب دفاعا عن الأرض والتراب ودفعا للأذى عن الجيش هل للحزب والحركة رباط سري ووشائج مع الجنجويد؟

ثم السؤال هل الحزب صار بلا أسوار تدخله وقت شئت وتخرج وقت شئت وداخل قيادة المليشيا عشرات بل مئات من منسوبي الحركة الإسلامية والحزب ولم يسمع الشعب السوداني كلمة واحدة عن هؤلاء القتلة هل تم فصل وطرد خدام معتمد ام دخن، والباشا طبيق عضو المجلس التشريعي، وقرشي ورئيس الاتحاد الوطني للشباب السوداني ود أحمد، والوزير على محمد موسى، وكثير من قيادات الظل ممن ينشطون الان في صفوف المليشيا.. وهل عدم المساءلة وتجاهل هؤلاء ممارسة رشيدة؟؟ ام الردع التنظيمي غائب، ومن قبل تم فصل مكي بلايل وأمين بناني لمجرد إبداء الرأي حول قضية خلافية، فكيف إذا كان الحال يتصل برجل مثل حسبو محمد عبدالرحمن؟

السؤال لقادة الدعم السريع وحليفهم السياسي (تقدم) هل وجود حسبو الحالي مبررا لديهم؟ واين ذهبت شعارات محاربة الكيزان إذا كان كبير الكيزان اليوم أصبح هو الأب الروحي وزعيم الظل؟؟

واخيرا هل وضع حسبو بيضه في سلة الدعم السريع وينتظر دورا في مقبل الايام خاصة وأن قيادة الدعم السريع تعوزها البصيرة السياسية، وهل تقديم حسبو خطوة بعد الأخرى هي مقدمة للتخلي عن التيار اليساري العلماني الذي يمثله يوسف عزت؟؟ام روابط الدم والعشيرة أقوى من أية روابط أخرى.؟!

المصدر : تسامح نيوز

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!