يدمر مشاعر الإنسان.. كيف تؤثر قلة النوم والسهر على السعادة؟
يعد الأرق والسهر، ومشاكل النوم بشكل عام، من الأزمات التي يتم تناولها عالميا، في ظل مخاطرها الكبيرة على الإنسان، خاصةً وأن ثمن ساعات الاستيقاظ الإضافية، تعد أكثر من مجرد الاعتماد على الكافيين والتثاؤب فقط، بل تمتد لتصبح مؤثرة بشكل مباشر على الصحة العقلية للإنسان.
دراسة جديدة نشرت في مجلة «Journal of Sleep Research» سلطت الضوء على مؤثر آخر يسببه قلة النوم على صحة الإنسان، مؤكدة أن ذلك يقلل قدرة الشخص على الاستمتاع الكامل بلحظات الحياة الأكثر سعادة، ماذا يعني ذلك؟.\
** كيف يؤثر قلة النوم على مشاعر الإنسان؟
الدافع وراء هذا البحث نشأ من الاعتراف بأن مشاكل النوم أصبح جانبًا لا مفر منه في الحياة الحديثة، في ظل المتطلبات المتواصلة لخدمات الطوارئ والعمل، أو حتى اعتبار السهر جزءا من صناعة الترفيه.
هل تؤثر قلة النوم على المشاعر الإيجابية والسلبية على قدر المساواة؟، حاولت الدراسة الإجابة على السؤال، وما إذا كانت هذه التأثيرات يمكن ملاحظتها خارج البيئة الخاضعة للرقابة أم لا؟.
«إن الحرمان من النوم له آثار على جميع أنواع العمليات البيولوجية والنفسية، هكذا أوضح جاريد مينكل، مؤلف الدراسة، وكبير مسؤولي العلوم في «PredictView»، مؤكدا: «بصفتي طبيبًا نفسيًا، كنت دائمًا مهتمًا أكثر بكيفية تأثير قلة النوم على العواطف، لأن هذا يبدو أكثر ارتباطًا بشكل مباشر بالصحة العقلية».
أجريت الدراسة في إحدى جامعات «نورث إيسترن»، واستقطبت مشاركين من الطلاب في الجامعة، والتي شملت 33 أنثى و2 من الذكور.
كيف يؤثر السهر على الشعور بالسعادة؟ كان في قلب التجربة 16 مقطعًا من الأفلام، تم تنسيقها وفقًا لخصائصها المثيرة للعاطفة، تم تصنيف هذه المقاطع إلى مشاعر إيجابية ومحايدة ومختلطة، مع مشاهد تتراوح من لحظات الفرح والفكاهة المبهجة إلى الأنشطة اليومية الدنيوية، وحتى السيناريوهات المعقدة التي قد تثير مزيجًا من التسلية والقلق.
شاهد المشاركون هذه المقاطع في تسلسل مصمم لمنع تجمع المحفزات العاطفية المماثلة، وبالتالي تقليل احتمالية الحساسية العاطفية أو التحيز في الاستجابات، تمت عملية المشاهدة هذه في بيئة معملية خاضعة للرقابة، ومصممة لتقليل عوامل التشتيت وتوحيد بيئة الاختبار بين المشاركين.
تم تسجيل ردود الفعل العاطفية لكل مقطع من الفيلم مباشرة بعد المشاهدة، للتقييم الذاتي لتقييم المشاعر الإيجابية والسلبية بشكل منفصل، وأعقب ذلك استبيان ما بعد الفيلم الذي سعى إلى قياس شدة المشاعر المحددة التي تثيرها المقاطع.
قبل وبعد جلسة مشاهدة مقطع الفيلم، أكمل المشاركون تقييمات لمزاجهم ونعاسهم كلٍ على حدى، بالإضافة إلى ذلك، شاركوا في مهمة اليقظة الحركية النفسية (PVT) لمدة 10 دقائق، وهي مهمة وقت رد الفعل مصممة لقياس ضعف الانتباه الذي يؤدي إلى النعاس بشكل موضوعي، وهي نتيجة شائعة لقلة النوم والأرق أو السهر.
نتائج الدراسة رسمت صورة دقيقة للأثر العاطفي الناجم عن قلة النوم، حيث ارتبطت المستويات الأعلى من النعاس الذاتي التي أبلغ عنها المشاركون بشكل كبير بانخفاض الاستجابات العاطفية الإيجابية، خاصة لمقاطع الأفلام ذات المشاعر المختلطة.
ويشير هذا إلى أن قلة النوم تؤثر بشدة على قدرتنا على تجربة المشاعر الإيجابية، مقارنة بالمشاعر السلبية.
قال مينكل لموقع «PsyPost»: «أريد أن يدرك الناس أنه عندما لا يوفرون الوقت الكافي للنوم ويميلون للسهر، فمن المرجح أن يحرمهم ذلك من الفرح والشعور بالسعادة».