عقب منع التصدير الى مصر..أسواق بديلة تُعيد الأمل لمزارعي غرب السودان في موسم المحاصيل وانتعاش التجارة الخارجية
بعد حوالي شهرين من الانخفاض الكبير في الأسعار، شهدت أسعار المحاصيل الزراعية في إقليمي كردفان ودارفور غرب السودان ارتفاعًا ملحوظًا، وذلك بفضل اكتشاف أسواق جديدة على الحدود الغربية مع تشاد، خصوصًا بعد منع قوات الدعم السريع تصديرها إلى المناطق التي تسيطر عليها الجيش ومصر.
زادت أسعار الفول السوداني والصمغ العربي والكركدي ومحاصيل أخرى بشكل كبير مقارنة ببداية موسم الحصاد، حيث انخفضت الأسعار بشكل ملحوظ في تلك الفترة، فلم يعد بالإمكان شراء كيلوغرام واحد من اللحم بقيمة قنطار الفول السوداني.
هبطت أسعار المحاصيل نتيجة لقرار قوات الدعم السريع الذي منع تصدير الثروة الزراعية والحيوانية من مناطق سيطرتها في دارفور وكردفان إلى الولايات الشرقية التي يسيطر عليها الجيش، وإلى مصر، التي اتهمتها بتقديم الدعم العسكري للقوات المسلحة السودانية، وبدعم طيرانها في معركة جبل مويا بولاية سنار لصالح الجيش.
تعتبر مصر الوجهة الرئيسية للمحاصيل الزراعية والحيوانية السودانية، مما تسبب في انخفاض كبير بالأسعار وركود عقب قرار قوات الدعم السريع، وقد ترتب على ذلك آثار سلبية على المزارعين.
قامت قوات الدعم السريع بتحويل الحركة التجارية إلى الحدود الغربية للسودان المتاخمة لدولتي تشاد وأفريقيا الوسطى، والتي تسيطر عليها بشكل كامل، وأتاحت نوافذ حدودية للمصدرين لشراء المنتجات الزراعية والحيوانية، مما أسهم في ارتفاع الأسعار وفقاً لما نقله مراسل (عاين) في المنطقة.
وأكد أحمد الحاج، وهو تاجر محاصيل في مدينة الضعين بولاية شرق دارفور، أن “التجار عادوا بقوة لشراء المحاصيل الزراعية بعد أن امتنعوا عن ذلك لمدة شهرين بسبب قرار قوات الدعم السريع، وشهدت الأسعار ارتفاعاً ملحوظاً”.
وكشف الحاج في مقابلة مع (عاين) عن نشاط تجاري كبير نشأ على الحدود مع تشاد، في مناطق أديكوم وفوربرنقا، حيث وصل وكلاء لشركات عالمية لشراء المحاصيل الزراعية، مثل الفول السوداني بمعدل مليون ومئتي جنيه للطن النقي، بدلاً من 600 ألف جنيه في بداية الموسم، وهي أسعار تشجع على البيع، بالإضافة إلى عمليات شراء الماشية.
وأشار إلى عبور تجار سودانيين محاصيلهم إلى العاصمة التشادية أنجمينا، ومن ثم يتم نقل تلك المحاصيل إلى الموانئ البحرية في ليبيا، رغم أنه لم يتمكن من تحديد الوجهة النهائية لتلك المحاصيل الزراعية.
يعتمد أغلب سكان دارفور وكردفان على الزراعة وتربية الحيوانات كوسيلة لكسب قوتهم، وقد أدى قرار الدعم السريع المتمثل في منع الصادرات وما تبعه من تراجع في الأسعار إلى تفاقم معاناتهم الإنسانية.
وأفاد أستاذ الاقتصاد في جامعة نيالا لـ(عاين) بأن قوات الدعم السريع استخدمت التجارة كوسيلة حرب، إذ قامت بتحويل وجهة الصادرات من الموانئ السودانية والولاية الشمالية إلى دول تشاد وليبيا عبر الحدود الخاضعة لسيطرتها.
وأضاف بالقول: “كانت هذه التصرفات جلية بعد قرار المنع الذي صدر في أكتوبر الماضي، مع فرض عقوبات على الشاحنات المخالفة للقرار، وربما كانت تهدف من خلال هذه الإجراءات إلى تأمين موارد مالية للحكومات المدنية التي أنشأتها في إقليم دارفور ومناطق أخرى”.
دعم الحكومات
وأشار أحد العاملين في إدارة الأسواق بولاية شرق دارفور في حديث لـ(عاين) إلى أن حركة صادرات الفول السوداني والمزروعات الأخرى عبر تشاد منحت دعماً مالياً للحكومات المدنية في الإقليم عبر الجبايات التي تصل إلى 4.5 مليون جنيه عن كل شاحنة، كما ساهمت في تحفيز الانتعاش في سوق المنتجات الزراعية.
وفي ولاية جنوب دارفور، قامت الإدارة المدنية التابعة لقوات الدعم السريع بتفعيل بورصة مدينة نيالا، التي تعد أكبر مورد اقتصادي في غرب البلاد، وكانت تُغذي أسواق مدينة “الدبة” في الولاية الشمالية وميناء بورتسودان والعاصمة الخرطوم.
وذكر مسؤول في إدارة أسواق المحاصيل والماشية التابعة للإدارة المدنية بولاية جنوب دارفور لـ(عاين) أن سوق بليل شرق مدينة نيالا تحول إلى أهم بورصة في الولاية لشراء المحاصيل الزراعية، بما في ذلك الفول السوداني، الذي تراوحت أسعاره بين 25 إلى 30 ألف جنيه للقنطار.
وكان قد صرح رئيس الإدارة المدنية بولاية غرب دارفور، الطاهر كرشوم، في تصريحات صحفية سابقة بأن حكومته بدأت في تطوير تسويق المحاصيل والماشية عبر التجارة الحدودية مع الدول المجاورة، لحماية المنتجين من تأثيرات قرارات منع مرور المنتجات إلى مناطق سيطرة الجيش.