في ظل تصاعد التحديات التي تواجه السودان بفعل تداعيات الحرب، ومع تعقّد المشهد الإقليمي والدولي، تبرز التحركات الدبلوماسية لرئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان كجزء من استراتيجية شاملة تهدف إلى ضمان دعم دولي لمرحلة إعادة الإعمار وترسيخ الشراكات الاستراتيجية، لا سيما مع قوى فاعلة في الإقليم مثل تركيا.
مباحثات رفيعة في أنطاليا.. البرهان وأردوغان على طاولة الأمن والإعمار
أجرى الفريق أول عبد الفتاح البرهان مباحثات ثنائية مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على هامش مؤتمر “أنطاليا الدبلوماسي” في نسخته الرابعة.
وضم الوفد السوداني شخصيات بارزة في مؤسسات الدولة السيادية والأمنية، على رأسهم وزير الخارجية د. علي يوسف الشريف، ومدير جهاز المخابرات الفريق أول أحمد إبراهيم مفضل، إلى جانب مدير منظومة الصناعات الدفاعية الفريق أول ميرغني إدريس، مما يعكس أهمية الزيارة والرهانات التي تعقد عليها.
البرهان يشيد بالمواقف التركية.. وسيادة السودان في صدارة الاهتمام
خلال اللقاء، عبّر البرهان عن تقديره الكبير لمواقف تركيا الداعمة لوحدة السودان وسيادته، وللدعم الإنساني الذي قدّمته أنقرة خلال الأزمة، مشيرًا إلى أهمية تطوير العلاقة بما يخدم مرحلة ما بعد الحرب ويفتح آفاقًا جديدة في العلاقات الاقتصادية والعسكرية.
أردوغان: ملتزمون بدعم السودان حتى الاستقرار الكامل
من جانبه، أكّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التزام بلاده بـدعم الأمن والاستقرار والسلام في السودان، ومواصلة تقديم المساعدات الإنسانية والتنموية. كما أشار إلى تميّز العلاقات الثنائية بين الخرطوم وأنقرة، معربًا عن رغبته في الارتقاء بها إلى مستويات استراتيجية تخدم مصلحة الشعبين.
تحالف استراتيجي لإعادة الإعمار.. تركيا في قلب الخطة
تسعى الحكومة السودانية، وفق مراقبين، إلى الاستفادة من خبرات تركيا الواسعة في مجال إعادة الإعمار والتنمية، خاصة بعد الدمار الكبير الذي خلفته الحرب.
ويقول الخبير السياسي د. الكباشي البكري إن هذه الزيارة تأتي في إطار “الانفتاح الدبلوماسي للسودان بعد الانتصارات التي حققتها القوات المسلحة”، معتبرًا أن اللقاء بين البرهان وأردوغان من أهم المحطات الإقليمية للسودان حاليًا، نظرًا للروابط التاريخية بين البلدين.
رسائل سياسية مهمة.. وتعرية للدعم الخارجي للمليشيات
أشار د. البكري إلى أن تحركات البرهان في المحافل الدولية، ومنها أنطاليا، تهدف إلى فضح الجرائم التي ترتكبها مليشيا الدعم السريع ضد المدنيين، وكشف الدعم الذي تتلقاه من بعض الدول مثل الإمارات، ما يفتح المجال لحشد دعم دولي للجيش السوداني ومشروعيته في محاربة التمرد.
مواقف تركيا.. بين المساعدات والتعاون العسكري
من جهته، يرى المحلل السياسي خالد الفحل أن زيارة البرهان لأنطاليا تحمل أبعادًا استراتيجية عميقة، وتهدف إلى التأكيد على دور تركيا كحليف في مرحلة إعادة البناء، مشيدًا بمواقف أنقرة المستمرة في دعم السودان، خصوصًا من خلال الوكالة التركية للتعاون “تيكا”، التي قدّمت مشاريع تنموية وإنسانية في عدد من ولايات السودان.
دعوة لبناء شراكات حقيقية في كل المجالات
الفحل دعا إلى أهمية بناء شراكات اقتصادية وعسكرية حقيقية مع تركيا، بدلًا من الاكتفاء بالدعم الرمزي، مشددًا على أن تركيا يمكن أن تكون بابًا لاختراق الحصار الدبلوماسي غير المعلن على السودان، ومفتاحًا لإعادة السودان إلى قلب التوازنات الدولية والإقليمية.
ما بعد الحرب.. تركيا حاضرة في المشهد السوداني القادم
تشير مؤشرات عديدة إلى أن السودان يعوّل على تركيا لتكون فاعلًا رئيسيًا في مرحلة إعادة الإعمار، سواء عبر القطاع الخاص التركي أو من خلال التعاون الحكومي المباشر، خاصة مع تزايد الحديث عن خطط إعادة تأهيل البنية التحتية ومرافق الدولة التي دمرتها الحرب
نبض السودان
