فصل جديد في صراع السودان… القصة الكاملة لأزمة المثلث الحدودي
دخلت الحرب المدمرة في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع مرحلة جديدة بالغة الخطورة، بعد اتهامات مباشرة وجهتها الخرطوم إلى الجنرال الليبي خليفة حفتر، قائد ما يُعرف بالجيش الوطني الليبي، بدعم قوات الدعم السريع للسيطرة على منطقة المثلث الحدودي، الواقعة عند التقاء حدود السودان مع مصر وليبيا، وهي منطقة استراتيجية ذات أهمية بالغة.
كتيبة سبل السلام تحت المجهر بعد تورطها في الهجوم على الجيش السوداني
اتهمت الحكومة السودانية كتيبة “سبل السلام”، التابعة لقوات حفتر، بدعم هجوم قوات الدعم السريع على مواقع الجيش السوداني في منطقة المثلث الحدودي، ما أدى إلى انسحاب الجيش السوداني من المنطقة وتراجع قواته في خطوة وصفها المراقبون بأنها ذات دلالة عسكرية حساسة. وأعلنت قوات الدعم السريع لاحقًا سيطرتها التامة على المنطقة بعد معارك وصفتها بـ”الخاطفة والحاسمة”.
الجيش السوداني يرد: الانسحاب تكتيكي لتشكيل حاجز صد ودفع التعزيزات
وفي المقابل، أعلن الجيش السوداني أن انسحابه من منطقة المثلث جاء ضمن ترتيبات دفاعية تهدف إلى إعادة التمركز وإنشاء حاجز صد استعدادًا لهجوم مضاد. وقال مصدر عسكري سوداني إن التقديرات الميدانية فرضت هذه الخطوة، موضحًا أن الجيش سيستعيد زمام المبادرة ويواجه العدوان بما يلزم من قوة.
بداية شرارة التوتر في جبل العوينات
بدأ التوتر في 6 يونيو الجاري، عندما تسللت عناصر من كتيبة “سبل السلام” الليبية إلى الأراضي السودانية، واشتبكت مع القوة المشتركة المساندة للجيش السوداني قرب جبل العوينات. وأسفر الهجوم عن مقتل عنصرين وأسر آخرين، ما فجر موجة من التصعيد السياسي والعسكري.
حفتر ينفي الاتهامات: لا علاقة لنا بالصراع السوداني
نفت قوات حفتر بشكل قاطع هذه الاتهامات، ووصفتها بأنها “محاولة لتصدير الأزمة الداخلية السودانية وخلق عدو خارجي”. وأكدت أن قواتها كانت تؤدي دورها المشروع في تأمين الحدود الليبية، ورفضت محاولات الزج بها في الصراع السوداني.
حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا تتبرأ من الكتيبة المتهمة
من جهتها، أكدت حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا أن كتيبة “سبل السلام” لا تتبع لها، وأعربت عن رفضها القاطع لانخراط أي من أبنائها في النزاع السوداني. وأعادت التأكيد على موقفها الداعم لاستقرار السودان ووحدته.
القوة المشتركة: ما حدث تآمر مباشر على سيادة السودان
العقيد أحمد حسين مصطفى، المتحدث باسم القوة المشتركة، وصف التدخل الليبي في منطقة المثلث الحدودي بأنه “تآمر مباشر على الدولة السودانية”، مشيرًا إلى أن الدعم السريع و”كتيبة سبل السلام” تحركا في انسجام واضح ضد الجيش السوداني، وهو ما يدل على تنسيق مسبق بين الطرفين لإحداث اختراق استراتيجي في شمال غرب السودان.
خبير عسكري: الدعم اللوجستي من حفتر مستمر منذ بداية الحرب
اللواء ركن محمد خليل الصائم، أستاذ العلاقات الدولية والدراسات الإستراتيجية، أكد أن قوات حفتر تقدم دعمًا لوجستيًا لقوات الدعم السريع منذ بداية الحرب. ولفت إلى أن السيطرة على منطقة العوينات تعني فتح ممر آمن للإمدادات القادمة من الإمارات عبر ليبيا، ما يعزز قدرات الدعم السريع ويصعب من مهمة الجيش السوداني في استعادة السيطرة.
تورشين: تدخل حفتر محاولة للتموضع مجددًا… بدعم إماراتي وموافقة مصرية صامتة
الدكتور محمد تورشين، الباحث المتخصص في الشؤون الإفريقية، قال إن ما يجري في المثلث الحدودي يعكس توافق مصالح بين حفتر والدعم السريع، مشيرًا إلى أن حفتر يسعى لإعادة التموضع في مساحات فقدها داخل ليبيا. كما أشار إلى تآكل شرعية حفتر داخليًا ودوليًا، ما دفعه لخلق ساحة جديدة للدفاع عن نفوذه بدعم من الإمارات. واعتبر تورشين أن الصمت المصري يدل على وجود تنسيق مسبق، أو على الأقل موافقة ضمنية من القاهرة على العملية.
منطقة المثلث… معبر حيوي وثروة طبيعية وصراع نفوذ ثلاثي
تُعد منطقة المثلث الحدودي نقطة تقاطع استراتيجية بين السودان ومصر وليبيا، وتحظى بأهمية اقتصادية كبرى نظرًا لغناها بالذهب والمعادن، فضلًا عن كونها ممرًا تجاريًا محوريًا بين شمال وشرق أفريقيا. السيطرة على هذه المنطقة تعني التحكم في إمدادات السلاح والدعم اللوجستي، وهو ما يفسر حرص الدعم السريع على السيطرة عليها.
مستقبل غامض… والجيش السوداني مطالب برد سريع
حتى الآن، يلف الغموض مصير منطقة المثلث الحدودي، ولا تزال التساؤلات قائمة حول ما إذا كان الجيش السوداني سيشن هجومًا معاكسًا لاستعادة المنطقة، أم سيتركها تحت سيطرة الدعم السريع لتتحول إلى مسرح دائم للعمليات العسكرية، يُفاقم الوضع الأمني الهش في السودان والمنطقة بأسرها.
نبض السودان