الرؤية نيوز

الصفقة الغامضة.. ما الذي تخفيه إسرائيل لمصر؟

0 121

متابعة:الرؤية نيوز
أعلنت شركة “نيوميد إنرجي”، أحد الشركاء في حقل ليفياثان الإسرائيلي، عن توقيع اتفاق هو الأكبر في تاريخ تصدير الغاز الطبيعي بالنسبة لإسرائيل، بقيمة تصل إلى 35 مليار دولار، لتزويد مصر بكميات ضخمة من الغاز الطبيعي حتى عام 2040.
وتُعد هذه الصفقة منقذة لقطاع الطاقة المصري، حيث من المتوقع أن تسهم في تخفيف أزمة الطاقة التي تواجهها البلاد، بعد أن أصبح إنتاج مصر من الغاز لا يفي بالطلب المحلي، ما اضطرها إلى إنفاق مليارات الدولارات على استيراد الغاز الطبيعي المسال خلال السنوات الأخيرة.
مصر تتحول إلى الاعتماد على الغاز الإسرائيلي بعد انخفاض إنتاجها
بدأ إنتاج الغاز الطبيعي في مصر بالانخفاض منذ عام 2022، مما اضطر البلاد إلى التخلي مؤقتًا عن طموحها لتكون مركزًا إقليميًا لتصدير الغاز، واللجوء بشكل متزايد إلى استيراد الغاز من إسرائيل لسد العجز المحلي.
وتشهد مصر حالياً تحديات كبيرة في قطاع الطاقة، وهو ما يجعل الصفقة الجديدة مع إسرائيل ذات أهمية استراتيجية، لا سيما في ظل استقرار خطوط الأنابيب مقارنة بالغاز الطبيعي المسال الذي يتطلب عمليات تبريد ونقل أكثر تكلفة

تفاصيل الصفقة: الكميات والجدول الزمني للتوريد

تتضمن الصفقة بيع نحو 130 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي من حقل ليفياثان إلى مصر حتى عام 2040 أو حتى استكمال التوريد الكامل للكميات المتفق عليها. وسيبدأ ضخ الغاز بكميات أولية تبلغ 20 مليار متر مكعب في المرحلة الأولى، اعتبارًا من أوائل عام 2026 بعد ربط خطوط أنابيب إضافية

وستستكمل الكمية المتبقية، والبالغة 110 مليارات متر مكعب، في المرحلة الثانية من الاتفاق، وذلك بعد توسعة الحقل وبناء خط أنابيب جديد يربط إسرائيل بمصر عبر معبر نيتسانا (العوجة)
آلية النقل: الغاز عبر الأنابيب بديل أرخص من المسال
أوضح يوسي أبو، الرئيس التنفيذي لشركة نيوميد، أن ضخ الغاز عبر خطوط أنابيب يعد خيارًا اقتصاديًا أفضل بكثير من الغاز الطبيعي المسال، حيث سيوفر المليارات على الاقتصاد المصري مقارنة بتكاليف التبريد والنقل البحري وتحويل الغاز من حالته السائلة إلى الغازية عند الوصول
وأكد أبو أن السعر المنخفض للطاقة الموردة عبر الأنابيب سيمنح مصر متنفسًا كبيرًا في سوق الطاقة ويقلل من اعتمادها على واردات الغاز المسال

تأثير الصفقة على السوق المصري والعالمي
وفقًا لتحليل فلورنس شميت، خبيرة شؤون الطاقة لدى رابوبنك، فإن الكميات المبدئية من الغاز الإسرائيلي يمكن أن تخفض واردات مصر من الغاز الطبيعي المسال بين مليار وملياري متر مكعب في عام 2026، مما سيخفف من الضغط على السوق العالمية للغاز الطبيعي المسال

وأضافت شميت أنه إذا تحقق التوريد الكامل للكمية المتفق عليها والبالغة 130 مليار متر مكعب، فإن مصر قد لا تضطر إلى استيراد الغاز المسال مجددًا، على الرغم من أن هذا السيناريو لا يزال بعيدًا عن التحقق

نسبة الاعتماد على الغاز الإسرائيلي في مصر
تشير بيانات مبادرة بيانات المنظمات المشتركة (جودي) إلى أن واردات الغاز من إسرائيل تشكل حاليًا ما بين 15% و20% من إجمالي استهلاك مصر من الغاز، وهي نسبة مرشحة للارتفاع في حال تنفيذ الصفقة بالكامل

وفي هذا السياق، أكد الرئيس التنفيذي لنيوميد أن كميات الغاز المصدر إلى مصر سترتفع فعليًا اعتبارًا من أوائل العام المقبل، من 4.5 مليار متر مكعب إلى 6.5 مليار متر مكعب سنويًا، على أن تصل إلى 12 مليار متر مكعب سنويًا بعد انتهاء المرحلة الثانية من تطوير حقل ليفياثان بحلول عام 2029

أزمة إنتاج الغاز في مصر تتفاقم
تواجه مصر صعوبة متزايدة في الحفاظ على معدلات إنتاجها من الغاز الطبيعي، حيث أظهرت أحدث بيانات جودي أن الإنتاج المصري انخفض إلى 3545 مليون متر مكعب في مايو الماضي، مقارنة بـ6133 مليون متر مكعب في مارس 2021، ما يمثل تراجعًا بنسبة تزيد عن 42% في أقل من خمس سنوات

وتعكس هذه الأرقام التحديات الهيكلية التي تواجه قطاع الغاز في مصر، والتي دفعتها إلى إعادة التفكير في استراتيجيتها للطاقة والاعتماد بشكل أكبر على الموردين الإقليميين مثل إسرائيل

خلفية عن حقل ليفياثان
بدأ حقل ليفياثان، الذي يقع في البحر المتوسط قبالة سواحل إسرائيل، تزويد مصر بالغاز منذ عام 2020، ويُدار الحقل من قبل شركة شيفرون التي تمتلك حصة تبلغ 40%. وتبلغ احتياطيات الحقل نحو 600 مليار متر مكعب من الغاز، ما يجعله من أكبر الحقول في المنطقة

كما يزود الحقل الأردن أيضًا بالغاز، ويمثل ركيزة أساسية في استراتيجية إسرائيل التصديرية للغاز الطبيعي

توسعة حقل ليفياثان: استثمارات ضخمة لاستدامة الإمدادات
أكدت شركة نيوميد أن مشروع توسعة حقل ليفياثان، الذي تبلغ تكلفته نحو 2.4 مليار دولار، سيسمح بالحفاظ على الإنتاج والإمداد لكل من السوق الإسرائيلي والدول المجاورة حتى عام 2064، ما يضمن استمرار تدفق الغاز إلى مصر لعقود مقبلة

الصمت المصري الرسمي حتى الآن
رغم أهمية الصفقة، لم تصدر وزارة البترول المصرية، وهي الجهة المسؤولة عن استيراد الطاقة، أي تعليق رسمي حتى الآن بشأن الاتفاق، وهو ما يثير تساؤلات حول توقيت الإعلان وردود الفعل السياسية والاقتصادية المحتملة داخليًا

أبعاد سياسية واقتصادية للاتفاق
تتجاوز صفقة تصدير الغاز هذه الأبعاد الاقتصادية لتشمل أيضًا أبعادًا جيوسياسية، حيث تعزز من العلاقات الاقتصادية بين إسرائيل ومصر، وتمنح إسرائيل نفوذًا إقليميًا متزايدًا في سوق الطاقة، في حين تمنح مصر شريانًا حيويًا يعيد التوازن لقطاعها الطاقي المتعثر

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.