الرؤية نيوز

أزمة صحية صامتة تتفاقم في صمت وتؤرق الملايين حول العالم

0 2

في تطور مقلق على صعيد الصحة العامة، باتت حصى الكلى تشكل تهديداً متزايداً، إذ تشير الإحصاءات إلى أن واحداً من كل عشرة أشخاص في الولايات المتحدة سيعاني من أعراض حصوة كلوية في مرحلة ما من حياته، وفقاً للمؤسسة الوطنية للكلى. هذه النسبة تمثل أكثر من ضعف ما كانت عليه في سبعينيات القرن الماضي، ما يعكس تصاعداً لافتاً في انتشار هذه الحالة. ويُسجل نحو نصف مليون زيارة سنوية لأقسام الطوارئ الأميركية بسبب آلام حصى الكلى، ما يسلط الضوء على حجم المعاناة المرتبطة بها.

حصى الكلى هي رواسب صلبة تتكون من المعادن والأملاح الحمضية الموجودة في البول، وتتنوع في أحجامها من صغيرة بحجم رأس القلم إلى كبيرة بحجم كرة الغولف. وقد تسبب نوبات ألم حادة في منطقة الظهر، مصحوبة أحياناً بدم في البول، غثيان، تقيؤ، حمى، وقشعريرة. ويؤكد الدكتور أندرو فاغنر، رئيس قسم المسالك البولية في مستشفى ماونت أوبورن التابع لجامعة هارفارد، أن كثيراً من الأشخاص يحملون حصوات كلوية دون علمهم، إذ لا تظهر الأعراض إلا عندما تعلق الحصوة في الحالب، ما يؤدي إلى ارتجاع البول وتضخم الكلية، ومن ثم يبدأ الألم.

ويصف الدكتور فاغنر هذا الألم بأنه “شديد وواضح لا لبس فيه”، وغالباً ما يكون في منطقة الخاصرة حيث تقع الكليتان. ويضيف أن بعض النساء اللواتي أنجبن وصفن ألم الحصوة بأنه يضاهي ألم الولادة. ومع ذلك، قد تنمو الحصوة ببطء على مدى سنوات دون أن تسبب أي أعراض تُذكر.

البول الطبيعي يحتوي على مجموعة من الفضلات التي تُطرح عادة بسهولة خارج الجسم، مثل الكالسيوم، الصوديوم، الأوكسالات، وحمض البوليك. لكن في حال نقص كمية السوائل، قد تتشكل بلورات صغيرة من هذه الفضلات، تتراكم تدريجياً لتكوّن حصوة صلبة. وتتنوع عوامل الخطر بين التاريخ العائلي، الحمل، السمنة، ارتفاع ضغط الدم، جراحات تحويل مسار المعدة، والنظام الغذائي الغني بالملح أو السكر. وتؤدي هذه العوامل إلى زيادة إنتاج الجسم لنواتج الاستقلاب، وهي مواد قد تتجمع لتشكّل حصى.

ويشدد الدكتور فاغنر على أن العامل الأكثر خطورة هو عدم تناول كميات كافية من السوائل يومياً، مشيراً إلى أن معظم المصابين بحصى الكلى لا يشربون ما يكفي من الماء.

لتشخيص الحالة بدقة، يُجري الطبيب عادة تصويراً مقطعياً بالأشعة، وهي الوسيلة الأفضل لتحديد حجم الحصوة وموقعها. ويُعد الأشخاص الذين أصيبوا بحصوة من قبل أكثر عرضة لتكرار الإصابة خلال فترة تتراوح بين خمس إلى سبع سنوات. كما أن هناك تداعيات صحية محتملة، مثل زيادة خطر الإصابة بعدوى الكلى، أو مرض الكلى المزمن، أو حتى الفشل الكلوي. ويؤكد الدكتور فاغنر أن الحصوات قد تُلحق ضرراً بوظيفة الكلى.

في معظم الحالات، تخرج الحصوة من الجسم تلقائياً خلال أيام أو أسابيع، وهي عملية مؤلمة لكنها قابلة للتحمل باستخدام مسكنات الألم المتاحة دون وصفة طبية. أما في الحالات التي لا تخرج فيها الحصوة من تلقاء نفسها وتسبب آلاماً مبرحة، فيلجأ الأطباء إلى تقنية تفتيت الحصوة بالموجات الصدمية، حيث تُستخدم موجات صوتية عالية الطاقة لتفتيت الحصوة إلى قطع صغيرة يسهل خروجها مع البول. وهناك أيضاً خيار منظار الحالب، حيث يُدخل الطبيب منظاراً عبر الحالب لإزالة الحصوة أو تفتيتها باستخدام ألياف ليزر دقيقة. وفي بعض الحالات المعقدة، قد تتطلب الحصوات الكبيرة تدخلاً جراحياً أكثر توغلاً.

أما على صعيد الوقاية، فإن الحفاظ على الترطيب الجيد يُعد الوسيلة الأهم لحماية الكلى، وذلك عبر تناول نحو لترين من السوائل يومياً، بشرط أن تكون خالية من الكحول والكافيين. كما يُنصح بشرب عصير الليمون الطازج أو تناول أقراص السترات، التي تحتوي على مادة السترات المساعدة في منع تكوّن الحصوات.

ولمن يسعى إلى تقليل خطر الإصابة أو تكرارها، يمكن اتباع مجموعة من الإجراءات الوقائية، منها تقليل تناول الملح، الحفاظ على وزن صحي، والحد من تناول الأطعمة الغنية بالأوكسالات مثل السبانخ واللوز والفول السوداني والتوت والشوكولاتة. كما يُنصح بتقليل استهلاك اللحوم الحمراء، اللحوم العضوية، والمحار، وهي أطعمة غنية بالبيورين، ما يساعد على خفض مستويات حمض اليوريك في الجسم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.