الرؤية نيوز

هل تؤثر حرارة القهوة والشاي على صحتك؟ بحث جديد يكشف العلاقة بسرطان المريء

0 2

فيما يُعد من القضايا التي تثير جدلاً مستمراً بين عشاق المشروبات الساخنة، لا تقتصر النقاشات على درجة الحرارة المثلى لتحضير الشاي أو تقديم القهوة من أجل الحصول على أفضل نكهة، بل تمتد إلى المخاوف الصحية المرتبطة بدرجة حرارة هذه المشروبات، والتي قد تحمل آثارًا ضارة على المدى الطويل. فبينما يُنظر إلى الطعم والجودة كأولوية لدى كثيرين، تُشير الأبحاث إلى أن طريقة تناول المشروبات الساخنة، وحجم الرشفة تحديدًا، قد يكون له تأثير أكبر من درجة الحرارة نفسها في ما يتعلق بالمخاطر الصحية.

وفي تقرير نشره موقع “ذا كونفيرسيشن”، أُعيد تسليط الضوء على تصنيف الوكالة الدولية لأبحاث السرطان في عام 2016، الذي أدرج استهلاك المشروبات الساخنة جدًا، أي التي تتجاوز درجة حرارتها 65 درجة مئوية، ضمن قائمة “المسببات المحتملة للسرطان لدى البشر”. ويُوضع هذا التصنيف في نفس فئة المخاطر المرتبطة بانبعاثات دخان الحطب داخل المنازل، وكذلك الإفراط في تناول اللحوم الحمراء.

ورغم عدم وجود أدلة علمية قاطعة تربط بين المشروبات الساخنة وسرطان الحلق، كما أن العلاقة بينها وبين سرطان المعدة لا تزال غير واضحة، إلا أن الدراسات تُظهر ارتباطًا ملموسًا بين استهلاك هذه المشروبات وسرطان المريء تحديدًا. فقد كشفت دراسة موسعة أُجريت هذا العام وشملت نحو نصف مليون شخص بالغ في المملكة المتحدة، أن تناول كميات كبيرة من الشاي أو القهوة بدرجات حرارة مرتفعة للغاية يرتبط بزيادة خطر الإصابة بسرطان المريء.

وبحسب ورقة بحثية صادرة عن جامعة ويسترن سيدني، فإن الأشخاص الذين يستهلكون ثمانية أكواب أو أكثر يوميًا من الشاي أو القهوة الساخنة جدًا، كانوا أكثر عرضة للإصابة بسرطان المريء بما يقارب ستة أضعاف مقارنة بمن لا يتناولون هذه المشروبات بهذه الكمية أو الحرارة. ويُعتقد أن السبب يعود إلى الضرر الذي تُحدثه الحرارة العالية في خلايا بطانة المريء، حيث يؤدي هذا التلف المتكرر بمرور الوقت إلى زيادة احتمالية تطور السرطان.

وتعود أولى الإشارات إلى هذه العلاقة إلى نحو تسعين عامًا من الأبحاث، إذ استندت معظم الفرضيات حول تأثير الحرارة على المريء إلى دراسات أُجريت على الحيوانات. وتُشير إحدى النظريات إلى أن الضرر الحراري يُضعف الحاجز الطبيعي لبطانة المريء، مما يجعلها أكثر عرضة للتأثر بارتجاع حمض المعدة، وهو ما قد يُفاقم الضرر المزمن ويُمهّد الطريق للإصابة بسرطان المريء.

ويبدو أن كمية المشروب الساخن التي تُستهلك في الجلسة الواحدة وسرعة الشرب تلعب دورًا مهمًا في تحديد مستوى الخطر. فقد أظهرت إحدى الدراسات التي قاست درجة الحرارة داخل المريء أثناء شرب القهوة بدرجات حرارة مختلفة، أن حجم الرشفة له تأثير أكبر من درجة حرارة السائل نفسه. فعلى سبيل المثال، رشفات كبيرة بحجم 20 مل من قهوة بدرجة حرارة 65 درجة مئوية رفعت درجة حرارة المريء بما يصل إلى 12 درجة مئوية، وهو ما يُمكن أن يُسبب إصابة حرارية مستمرة تؤدي إلى تلف الخلايا على المدى الطويل.

ورغم أن تناول رشفة صغيرة من القهوة الساخنة بدرجة حرارة 65 درجة مئوية من حين لآخر لا يُرجح أن يُسبب ضررًا دائمًا، إلا أن الاستهلاك المتكرر لكميات كبيرة من المشروبات الساخنة جدًا على مدار سنوات قد يُضاعف خطر الإصابة بسرطان المريء. وفي محاولة لتحديد درجة الحرارة المثالية التي تُوازن بين الحفاظ على النكهة وتقليل خطر الإصابة، توصلت دراسة أمريكية إلى أن درجة الحرارة المثلى لتقديم القهوة تبلغ نحو 57.8 درجة مئوية.

ومع ذلك، تُقدّم المشروبات الجاهزة في كثير من الأحيان بدرجات حرارة عالية تصل إلى نحو 90 درجة مئوية، وذلك بهدف السماح لها بالتبريد تدريجيًا قبل تناولها في أماكن العمل أو المنازل، ما يستدعي الحذر من الآثار الصحية المحتملة المرتبطة بدرجة حرارة المشروب عند الاستهلاك.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.