تفاصيل إحباط انقلاب عسكري جديد في السودان واعتقال أحمد هارون واللواء بكراوي
في تطور أمني وسياسي بالغ الحساسية، كشفت وسائل إعلام محلية أن الأجهزة الأمنية السودانية تمكنت من إحباط مخطط انقلاب كان في مراحله الأخيرة، تقوده مجموعة من الضباط المتقاعدين إلى جانب أحد الأجنحة المرتبطة بحزب المؤتمر الوطني المحلول، مستغلين حالة التوتر التي سادت الأوساط العسكرية والسياسية عقب قرارات الجيش الأخيرة بشأن الترقيات والإحالات إلى التقاعد. ووفقاً لمصادر مطلعة، تم اعتقال أحمد هارون، رئيس المؤتمر الوطني المفوض، على خلفية اتهامات تتعلق بالمشاركة في المخطط، وهو ما أثار جدلاً واسعاً داخل المشهد السياسي، خاصة في ظل تصاعد الانقسامات داخل الحزب منذ سقوط نظام الرئيس السابق عمر البشير.
وفي سياق متصل، نفذت السلطات الأمنية حملة اعتقالات طالت عدداً من القيادات العسكرية البارزة، من بينهم اللواء عبد الباقي بكراوي، الذي تم توقيفه في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء، بعد يومين فقط من صدور قرارات بإحالة عدد من الضباط إلى التقاعد، من بينهم اللواء نصر الدين عبد الفتاح، القائد السابق لسلاح المدرعات، والذي سبق أن وُجهت إليه اتهامات بالمشاركة في محاولة انقلابية عام 2021. وكان الفريق أول عبد الفتاح البرهان قد أصدر قراراً بإحالة بكراوي ومجموعة من الضباط المرتبطين به إلى التقاعد، في خطوة اعتبرها مراقبون جزءاً من عملية إعادة ترتيب داخل المؤسسة العسكرية، وسط تصاعد التوترات بين الجيش والتيارات الإسلامية.
وفي تعليق على هذه التطورات، أشار الصحفي محمد المبروك إلى أن قطاعات واسعة من الناشطين الإسلاميين عبّرت عن غضبها مما وصفه بحملات إعلامية منظمة مصدرها غرف خارجية، خاصة من أبوظبي، معتبراً أن تحرك البرهان الأخير نحو وقف الحرب عبر مشاورات في سويسرا، بالتنسيق مع قطر، أثار مخاوف داخل التيار الإسلامي من احتمال إقصائهم من المشهدين السياسي والعسكري. وأضاف المبروك أن هذه المخاوف دفعت بعض الأطراف إلى تحريك ما وصفه بـ”قرون استشعار الجيش”، في إشارة إلى ردود فعل متسارعة داخل المؤسسة العسكرية تجاه ما اعتُبر تهديداً داخلياً من تيارات عقائدية كانت جزءاً من تركيبة النظام السابق.
وفي خضم هذه التحولات، أعلنت القوات المسلحة السودانية تشكيل هيئة أركان جديدة برئاسة الفريق أول ركن محمد عثمان الحسين الحسن، الذي احتفظ بمنصبه للعام الخامس على التوالي. وشملت التعيينات الجديدة الفريق ركن مجدي إبراهيم عثمان خليل نائباً لرئيس هيئة الأركان للإمداد، والفريق ركن خالد عابدين محمد أحمد الشامي نائباً لرئيس هيئة الأركان للتدريب، والفريق ركن عبد الخير عبد الله ناصر درجام نائباً لرئيس هيئة الأركان للإدارة. كما حافظ الفريق ركن محمد علي أحمد صبير على موقعه رئيساً لهيئة الاستخبارات العسكرية، فيما تولى الفريق ركن مالك الطيب خوجلي النيل منصب نائب رئيس هيئة الأركان للعمليات.
وامتدت التعيينات لتشمل الفريق ركن معتصم عباس التوم أحمد مفتشاً عاماً للقوات المسلحة، والفريق طيار ركن علي عجبنا محمد قائداً للقوات الجوية، إلى جانب تعيين الفريق طبيب زكريا إبراهيم محمد أحمد مديراً للإدارة العامة للخدمات الطبية، واللواء ركن عمر سر الختم حسن نصر قائداً لقوات الدفاع الجوي. كما أصدر القائد العام للقوات المسلحة قرارات بالترقية والإحالة إلى التقاعد، شملت الفريق ركن عباس حسن الداروتي، والفريق ركن عبد المحمود حماد حسين عجمي، والفريق طيار ركن الطاهر محمد العوض الأمين، الذين تمت ترقيتهم إلى رتبة فريق أول قبل إحالتهم إلى التقاعد.
وفيما يتعلق باعتقال اللواء عبد الباقي بكراوي، أفاد مصدر مقرب من أسرته أن قوة أمنية اقتادته من منزله إلى جهة غير معلومة. وكان بكراوي قد واجه تهماً بالمشاركة في محاولة انقلابية عام 2021، وخضع مع عدد من الضباط لمحاكمات عسكرية توقفت مع اندلاع الحرب في أبريل 2023، قبل أن يشارك بعضهم لاحقاً في القتال ضد قوات الدعم السريع. وتأتي إحالة بكراوي إلى التقاعد ضمن سلسلة قرارات أصدرها البرهان، في إطار إعادة هيكلة القيادة العسكرية وسط تصاعد التوترات الداخلية.