إسحق أحمد فضل الله يكتب:(صور)
متابعة:الرؤية نيوز
الكتابات العظيمة كل ما فيها أنها رسمت النفوس.
وعند ديستوفسكي: أن غريبًا يهبط بلدًا، والبلد مزارع رائعة ممتدة تفوق الوصف. والغريب يقول: “أريد أن أشتري.”
قالوا: “مال ولا بيع. كل ما عليك هو أن تركض، وكل مزرعة تمر بها تصبح ملكًا لك على شرطٍ هو أن تعود إلى نقطة البداية قبل المغيب.”
والشيوخ في الصباح يجلسون أمام البلدة، والغريب يشرع في الركض… مزارع… مزارع… كل مزرعة، والأخرى القادمة أجمل منها. والغريب كلما أراد أن يرجع كان الإغراء يجعله يركض إلى مزرعة أخرى، ثم أخرى.
وقريبًا من المغيب يركض عائدًا… ويتعب، لكن لابد من الوصول إلى نقطة البداية. ويترنح، لكن لابد من الركض، فالشمس تهبط جدًا… ويركض، والأشياء أمام عينيه تترنح، ويركض… وجماعة الشيوخ تبدو له من بعيد، ويركض… وعند المغيب تمامًا يسقط تحت أقدامهم.
ويقولون له بابتسامة ساخرة:
“لقد حصلت على أراضٍ واسعة.”
كانوا يقصدون: القبر.
وتولستوي عرف قبل أن يموت.
وقالوا له: “أنت تعرف؟”
قال: “كل الناس يعرفون. لكن كل أحد يقول لنفسه: أرجع بعد أن أحصل على المزرعة القادمة… المزرعة القادمة… المزرعة القادمة.”
وقالوا إن تولستوي أسلم في مراسلة مع الشيخ محمد عبده.
وعند فتحي غانم:
الشيطان يستقيل، ويتوقف فجأة عن عمله.
والناس في السوق، في الطرقات، في البيوت، في… في… كل مكان يتوقفون عن كل شيء، مثلما تتوقف الصورة على الشاشة حين ينحشر الشريط.
وفي التاريخ: كل الأباطرة والملوك يجرون الجيوش حول الأرض… والقتل لكسب أرض لن يعودوا إليها يومًا.
العولمة الأمريكية الآن هي:
يجب أن يكون طعامك تقليدًا لطعامي، حتى تظل تشعر بأن السيد هو أنا… ملابسك، أغنيتك، مقاييس الأشياء عندك.
(وكل ما أجنبي عندنا هو الأفضل… والإساءة لشيء هي أن تقول عنه: إنه… بلدي).
من دمر برلين في الحرب العالمية هو رجل مدير مدرسة هادئ لا تشعر بوجوده.
الرجل كان جاسوسًا لمخابرات أمريكا.
والرجل ظل لعشر سنوات يتلقى الأموال ولا يُكلَّف بمهمة واحدة، وعدم تكليفه بشيء يجعل الانتباه له مستحيلًا.
ومهمته الوحيدة تبدأ يوم يقترب الحلفاء من برلين… فقد كان هو من يوجّه المدفعية والطيران.
وجستابو هتلر يصاب بالجنون وهو يرى أن جاسوسًا شبحًا هو من يدمر برلين.
التدبير المخابراتي سلاحه الأعظم هو زراعة “المتعاونين”.
وأسلوب الزراعة بعضه هو:
قبل شهر، إيران تقوم بإعدام أعظم ناشط وداعم للحكومة الإيرانية… إيران تكتشف أن مخرج الأفلام الوثائقية، وصديق القيادات العليا، والصحفي الذي ينفرد بالمعرفة… هو جاسوس إسرائيلي من أم يهودية، زُرع قبل عشر سنوات.
وكاتبة وصحفية مسلمة متشددة، وصديقة للقيادات العليا، حين تطير إلى إسرائيل تصدر كتابًا عن مهمتها كجاسوسة اخترقت كل الجهات.
والنماذج لا تنتهي.
والأرض كلها لا يقوم رئيس بتعيين أحد إلا بعد أن تفتح المخابرات حقيقته… وحقيقة حبوبته العظيمة… و…
(المتعاونون) هم الآن هؤلاء، وليس أبلها مهمته أن يدل الجنجو على بيوت الضباط.
هل فكر السيد كامل في فحص واحدٍ ممن جعلهم كذا… وجعلهم… كذا؟
إسحق أحمد فضل الله