إسحق أحمد فضل الله يكتب: (مع خطابات..)
متابعة:الرؤية نيوز
عثمان الذي يغلي بالجدال،
هل سمعت بحكاية الأسدين؟
قالوا إن أسداً ضارياً خرج من عرينه فلقيه أسد ضارٍ، فوقعت الواقعة. وكل من الأسدين شرع في أكل وابتلاع الآخر.
الابتلاع كان شديداً إلى درجة أنه لم يبقَ من الأسدين كليهما إلا الذيول… ذيل هذا وذيل هذا.
وإن كان ذلك لا يقع في عراك الأسود، فإنه يقع في عراك الجدال الأعمى. وحديثك يقول إنك تريد معركة وجدالاً مثل هذا.
ومن تتقدّم به الأيام مثلنا لا يفعل هذا. ونكتفي بكليمات رداً على بحر اتهاماتك لنا.
وسخرية الشيوعيين من نوع من الناس (من ينسب أعمال الناس إليه) سخرية تقول:
“القرادة قالت… أنا والجمل جبنا العيش من القضارف.”
وإسحق والإسلاميون لا تكاد تجد فيهم من يسرق أعمال الآخرين… وتجد فيهم من يَغْمِط نفسه حقها.
ونسوان المجتمعات التي رباها الإسلام، ونسوان المجتمعات التي رباها التلفزيون، صورتها هي:
أيام الرشيد، فتاة تتشنّج يدها مرتفعة إلى صدرها وفشلوا في علاجها.
وطبيب حاذق يأتي بها وسط مجلس حاشد، يوقفها وسط الناس، ويقف هو على بعد خطوات يخاطبها، ثم يهجم عليها ويمد يديه لينزع أسفل ثوبها.
ودون انتباه الفتاة تنزل يديها لتمنع تعريتها.
قال سوداني:
“لو كانت من بنات الأيام دي، كان ضحكت ضحكة الشهقة الواحدة ديك (أهيييه) ولم تنزل يدها لتمنع تعريتها.”
عثمان…
الزمان مسلم، وهو يعلن تصديق أمر الله، وخصوصاً أمر الله بالستر وكراهية الفاحشة.
و(وكنداكة نحدنكا ليك).
ومن الزمان، بومبي…
وبركان فيزوف لما ضرب مدينة الفسق بومبي تجمّد كل شيء في لحظة… تجمّد حتى يبقى لنا ولا يعبر عبوراً.
والتجمّد ضرب في لحظة… في لحظة بالفعل.
ومن كان ينهض لم يُكمل نهوضه فتجمّد منحنياً، ومن كان يرمش تجمّد قبل أن يصل جفنه الأعلى إلى جفنه الأسفل.
والعالم وأهل السينما والرواية ظلوا يبحثون عن رسم لحظة التجمّد هذه، وإيقاف الزمان لحظة للتأمل. وصنعوا شيئاً مثل الصورة الفوتوغرافية للحشد في الطريق، وجعلوا ينبشون ما في صدر كل واحد من الزحام هذا، فوجدوا العجائب…
(٣)
أما إصلاح الكيزان وفسادهم فالصورة نجمدها لنقرأها:
في أيام عبود كان الدولار سعره ثلاثة جنيهات.
وعبود طردته الجماهير (في الحقيقة طردته كنيسة إنجلترا) للإصلاح.
والإصلاح يجعل الدولار سعره خمسة جنيهات.
ثم حكومة أكتوبر للإصلاح.
والإصلاح يجعل الدولار سعره عشرة جنيهات.
ثم النميري للإصلاح.
والإصلاح يجعل الدولار سعره اثني عشر جنيهاً.
ثم الانتفاضة للإصلاح.
والإصلاح يجعل الدولار سعره عشرين جنيهاً.
ثم الإنقاذ، التي لا نسوق لك ما صنعت.
ثم قحت للإصلاح… وما يوجز إصلاح قحت هو تصريح ود الفكي أمام مؤتمر شهير… وود الفكي بعد سرد فساد الكيزان يقول:
“لو ما جينا، كان سعر الدولار فات الستين جنيه.”
الإصلاح يفعل هذا لأن الناس ليست أكثر من قطيع يُقاد. وكلمة “السواقة بالخلا” ابتكرها الناس اسماً لما يجري.
ولا نزيد يا عثمان.
بالمناسبة، إن أنت وجدت “قحاتي” آخر معك فأخبرنا.
إسحق أحمد فضل الله