الرؤية نيوز

تضارب التصريحات حول هدنة السودان يربك المشهد ويؤجل الحسم النهائي في واشنطن

0 4

في ظل تصاعد الجدل حول حقيقة التوصل إلى اتفاق هدنة إنسانية في السودان، برزت تناقضات حادة بين التصريحات الرسمية والمصادر الدبلوماسية، ما ألقى بظلال من الشك على إمكانية إعلان وقف شامل للأعمال العدائية. وبينما تحدثت تقارير عن موافقة مبدئية من طرفي النزاع على مقترح هدنة مدتها ثلاثة أشهر، نفت جهات سيادية سودانية وجود أي تفاهمات أو ترتيبات بهذا الخصوص، مؤكدة استمرار العمليات العسكرية واستبعاد أي لقاءات مباشرة بين القادة العسكريين.

أفادت مصادر متطابقة تحدثت إلى مجلة “أفق جديد”، من بينها دبلوماسي غربي، أن القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، أبديا موافقة مبدئية على مقترح تقدمت به دول الرباعية (الولايات المتحدة، مصر، السعودية، الإمارات) يقضي بإعلان هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر تخضع لرقابة دولية. وأوضحت المصادر أن الطرفين طلبا مهلة للتشاور مع حلفائهما قبل التوقيع النهائي، مشيرة إلى أن وفدي الجيش والدعم السريع لا يزالان في العاصمة الأمريكية واشنطن، وأن جميع التفاصيل الفنية المتعلقة بالهدنة تم الاتفاق عليها، فيما تبقى فقط “الإرادة السياسية” لحسم الموقف، وفق ما نقل مصدر سياسي سوداني مطلع على مجريات التفاوض غير المباشر.

من جانبه، أكد كبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشؤون الأفريقية، مسعد بولس، في تصريح لقناة “سكاي نيوز عربية”، أن المفاوضات بين الطرفين وصلت إلى نقاط متقدمة، وأن واشنطن تتواصل مع الجانبين لتوقيع مقترح الهدنة الإنسانية الذي تم عرضه عليهما. ودعا بولس الطرفين إلى الإسراع في اتخاذ القرار، مشددًا على أن الوقت لا يسمح بالمماطلة أو إضاعة الفرص، وأن التوصل إلى اتفاق هدنة يمثل خطوة ضرورية لتخفيف المعاناة الإنسانية المتفاقمة في مناطق النزاع.

في المقابل، نفت مصادر من مجلس السيادة السوداني وجود أي ترتيبات لعقد هدنة مع قوات الدعم السريع، أو لقاء مرتقب بين الفريق أول عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو. وذكرت صحيفة “الكرامة” الصادرة يوم الأحد أن ما يُثار في هذا السياق هو من إنتاج غرف إعلامية تابعة لتحالف “صمود” و”تأسيس”، مؤكدة أن قيادة الدولة تركز حاليًا على استعادة السيطرة على مدينتي الفاشر وبارا، وأنه لا يوجد أي توجه نحو التفاوض أو إعلان هدنة في المرحلة الراهنة.

أكد مصدر عسكري سوداني لصحيفة “سودان تربيون” يوم السبت، أن الأطراف السودانية الموجودة في واشنطن منذ أسبوعين لم تتوصل إلى اتفاق نهائي بشأن الهدنة الإنسانية المقترحة. وأوضح أن المفاوضات التي تقودها الولايات المتحدة ودول الرباعية لا تزال في إطار غير مباشر، وأن مقترح الهدنة الذي طرحته واشنطن لم تتم الموافقة عليه حتى الآن. وتأتي هذه التصريحات في وقت تتزايد فيه الضغوط الدولية على طرفي النزاع لوقف الأعمال العدائية، وسط تفاقم الأوضاع الإنسانية وتوسع رقعة القتال في عدة مناطق سودانية.

رغم التقارير الصحفية التي تحدثت في وقت سابق عن موافقة البرهان ودقلو على مقترح الهدنة، فإن التصريحات المتضاربة من الأطراف السودانية والدولية تعكس حالة من الغموض وعدم اليقين بشأن مستقبل الاتفاق. وبينما تؤكد مصادر دبلوماسية أن التفاوض بلغ مراحل متقدمة، تنفي جهات سيادية سودانية وجود أي تفاهمات، ما يضع المشهد السياسي أمام مفترق طرق ويؤجل الحسم النهائي في انتظار توافق سياسي يترجم إلى توقيع رسمي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.