محمد عبد الماجد يكتب: نشيلها من العسكر ونسلمها العسكر
الخرطوم: الرؤية نيوز
(1)
حكاية السلطة في السودان مثل حكاية (العصفورة) التي أراد صائدها أن يدخلها (القفص) فأخرجها منه – العصفورة ارادت ان تخرج من (القفص) فدخلت فيه.
نحن ندور في هذا الفلك منذ الاستقلال – اذ تبدو دورة الحكم عندنا هكذا حكومة منتخبة – انقلاب عسكري – ثورة شعبية – حكومة انتقالية ثم منتخبة فانقلاب عسكري فثورة شعبية.
تدور الساقية على هذا المنوال.
يمكن ان نقول عن دورة السلطة في السودان ديمقراطية – بور – ديمقراطية. نقصد بـ (البور) الحكم العسكري وهو شيء يأتي على وزن (البوت).
لا فرق حرفياً كبير بين البور والبوت.
(2)
الشعب السوداني شعب ديمقراطي من الطراز الفريد – حياتنا الاجتماعية شيئاً من الممارسة الديمقراطية الرشيدة.
طبعنا هكذا – ديمقراطيون حتى النخاع.
كل الحكومات العسكرية والشمولية ثار عليها الشعب السوداني – نحن الشعب الوحيد في المنطقة الذي قام بثلاث ثورات شعبية في حقب مختلفة.
اكتوبر.
ابريل.
ديسمبر.
خطواتنا مقرونة بهذا (كم في الخطوة بنلقى شهيد بدمه بيرسم فجر العيد) – مازلنا في انتظار ذلك الفجر.
قمنا على هذا الطبع (عصينا عصينا على الحرية منو بوصيني).
هذا الشعب السوداني العظيم على استعداد ان يقدم ثورة (اكتوبر) في كل شهر.
شاهدنا اكتوبر في ابريل.
فلم يستوعب العسكر الدرس.
اعدنا اكتوبر وابريل معاً في ديسمبر.
ويبدو انهم ايضاً لم يستوعبوا الدرس.
(3)
ظل الشعب يقتلع حريته وحقوقه وسلطته من (العسكر) عن طريق الثورات الشعبية.
في اكتوبر اقتلع الشعب السوداني (السلطة) من حكومة عسكر عبود.
لكن الشعب السوداني عاد وسلمها الى نميري.
في ابريل اقتلع الشعب السوداني حقوقه من عسكر نميري.
عاد الشعب السوداني وسلمها للبشير.
في ديسمبر اقتلع الشعب السوداني السلطة من عسكر حكومة البشير بعد (30) سنة من القمع والذل والكبت.
اياكم ان تسلموها للعسكر الذين اقتلعتموها منهم قبل فترة قصيرة.
لا تكرروا الاخطاء التي وقعتم فيها في الثورات السابقة.
كونوا اوفياء لشهداء هبة سبتمبر وثورة ديسمبر.
لا تنسوا احمد الخير وعيسى دودو وكشة وعباس فرح ومحجوب التاج محجوب.
لا تنسوا هزاع عزالدين وسارة عبدالباقي.
هؤلاء الشهداء الذين ما زلنا نبحث عن القصاص لهم لن نخونهم بان نعيد السلطة الى الذين خرجوا ضدهم.
ندرك ان المعاناة كبيرة وان الاحتمال شاق… نعرف ان الثمن غال والتضحيات جسام.
كل الذي يمكن ان نتعرض له لا يساوى شيئاً امام نقطة دم واحدة سالت من احد الشهداء من اجل ان نعيش بكرامتنا وعزتنا.
لقد خرج الشعب السوداني للشارع من اجل الكرامة والعزة والإنسانية – لن نقايض هذه الاشياء بالامن والخبز وفتح الطرق القومية.
أي تراجع الآن هو خيانة للشهداء.
سوف ننصر الحكومة المدنية وان كان ذلك على (حبة خردل) من المدنية.
لالوب (مدنيتنا) ولا تفاح (العسكر).
لا تعيدوا انتاج (الكيزان).. الذي نسمعه الآن من اعداء الثورة هو ما كنا نسمعه من النظام البائد عندما كان يهدد بالفوضى والتفلتات الامنية والضياع.
اصبروا على ثورتكم.
لن تنهار.
أي حديث عن انهيار الثورة او انفلات السودان – حديث يقودنا الى ما هو اسوأ من ذلك.
نحن لا يعنينا الذين يجلسوا على كراسي السلطة الآن في شيء.
يعنينا هذا الشعب الذي نراهن عليه.
الشعب السوداني هو الذي سوف يكسب في النهاية.
ما قدمه الشعب السوداني من تضحيات ومن شهداء يكفل له حياة زاهرة ومستقبل اخضر.
ربما نحن في حاجة الى ان نسدد المزيد من الفواتير.
نحتاج للمزيد من التضحيات.
(4)
بغم /
الذين فضوا الاعتصام بالقوة والأسلحة النارية هم انفسهم الذين سحبوا القوات المشتركة من حراسة وتأمين مباني لجنة تفكيك نظام 89.
هذا اللطف والرفق الذي تستعملوه مع (الكيزان) لماذا لم تستعملوه مع الثوّار في ميدان الاعتصام؟
الذين رفضوا ابادة ثلث الشعب السوداني يبحثون الآن عن ابادة الشعب السوداني كله.
الانتباهة