الرؤية نيوز

إبراهيم عربي يكتب: إتفاق ثلاثي تحت الطاولة ..!

0

 الخرطوم: الرؤية نيوز


بدت تنقشع عتمة الليل وتتكشف الرؤية الضبابية لخبايا وأسرار ما تحت الطاولة فيما بين الثلاثي (البرهان ، حمدوك ، حميدتي) ومن خلفهم المجتمع الدولي ، وبالتالي أعتقد أن قرارات القائد العام للجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان في 25 إكتوبر 2021 والتي تباينت توصيفاتها داخليا وخارجيا مابين (إنقلاب ، إستيلاء ، تصحيح للمسار) ، جاءت علي ذات المنوال ..! .
ولذلك أعتقد أيضا أن قرارات رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك الأخيرة والتي ألغي بموجبها تنقلات وتعيينات الوكلاء المكلفين لبعض الوزارات ، كان البرهان قد إعتمدها ، عبارة عن تنازلات جاءت مكان توافق غير مكتوب لتراجع غير معلن وما هي إلا خطوة مواصلة لذات السيناريو مما يؤكد أن هنالك تفاهما ثلاثيا بينهم تحت الطاولة .
وبالتالي أعتقد أن قائمة تعيينات الوكلاء الجدد المكلفين والتي كشفت معلوماتنا إنها تم تسريبها من دهاليز مكتب رئيس الوزراء جاءت في إطار ذات التوافق الثلاثي ، وربما لذلك سكت رئيس الوزراء عن تسريبها رغم إنها لم تكمل مراحل مراجعاتها النهائية وربما يواجه الرجل بحملة شعواء من داخل طاقمه ولذلك حرد حمدوك مكتبه وفضل إدارة مشغولياته من منزله ..!.
علي كل ليس ما يحدث في البلاد بعيدا عن تخوفات أهلها وليست بعيدة أيضا عن تحذيرات الأمين العام للأمم المتحده أنطونيو غوتيريش لأن يؤدي التشكيك ومقاطعة إتفاق (البرهان وحمدوك) لأمر خطير ، واصفا الإتفاق بإنه (وضع غير مثالي) ولكنه يتيح إنتقال سلمي نحو ديموقراطية حقيقية في السودان ، داعيا الشعب السوداني إلى تغليب ما أسماه ب(الحسّ السليم) .
وبالطبع لذلك إنخرط الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة فولكر بيرتس رئيس البعثة الأممية (يونيتامس) في عدة لقاءات شملت رئيس الوزراء وقيادات سياسية ومجتمعية لبحث كيفية الخروج من الأزمة ، ولا أعتقد أن تكون الجهود الأمريكية والأوربية بعيدة عن ذلك لا سيما وأن ما يحدث في أثيوبيا مؤشر خطير وليست ليبيا ببعيدة وجميعها تجعل المجتمع الدولي حريص علي الشراكة بين (حمدوك والبرهان) ودعم البلاد للإنتقال سلميا .
علي العموم ليس بالسهل أن تجد في السودان شخصا متحررا من القيود الحزبية أو القبلية أو العصبية أو المناطقية أو الشللية أو متعاطف إلا نادرا ، ولذلك أمر الحياد هنا نسبي  تقديري لا سيما وأن الشكوك ستظل تحوم حول كل من تعامل أو عمل بالقطاعين العام والخاص بالبلاد طوال عهد الإنقاذ بين إتهامات (اليسار واليمين) وبناء عليه يصعب أن يأتي تشكيل الحكومة الإنتقالية مجردا من دون إنتقادات وإتهامات وتصنيفات ..!.
علي كل فإن تعيين الوكلاء الأخير تحت التكليف ليست نهائية ، ويمكن مراجعتها إلي حين ولكنهم ليسوا حزبيين حسبما كشفت مصادر قريبة من الملف ، غير أن الخطوة كانت بذاتها في حاجة لمزيد من التدقيق حول خبرتهم وأهليتهم ، حيث لا تتجاوز خبرة بعضهم العملية مديرا لمكتب وزير !.
ولذلك علي رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك ألا يأسر نفسه رهينة لطاقم مكتبه الحردان حواء السودان ولود ..!، عليه أن يوسع دائرة إستشاراته وأن يتجاوز محطة شلته وسماسرة السياسة من أصحاب الأجندات وجماعة تقاطعات المصالح الذين كانوا سببا مباشرا في فشل حكومتيه السابقتين ، وعليه أن يغادر محطته السلحفائية وطريقته البطيئة الرخوة ومحاولاته لإرضاء الكل ، وفي ذلك مهما عمل حمدوك لن يستطع أن ينجو من تقاطعات الفريقين المتنافرين (قحت1 وقحت2) وربما يظل تائها أسيرا لصراع الآيديلوجيا بين قوي اليسار الرافض للشراكة مع العسكر بلاءاته الثلاثة (لا تفاوض ،لا مساومة ،لا شراكة) واليمين المؤيد للشراكة للمضي بالبلاد قدما نحو الإنتخابات .
ولذلك علي الدكتور حمدوك أن يمضي في خطته مجودا عمله بقدر المستطاع وليس مطالب بالضرورة الحصول علي إرضاء الجميع ، وإذ تؤكد التجارب العملية في البلاد فشل ذلك وقد ضاعت فرص الديمقراطية بين الخلافات والتنازعات المدنية ، ولذلك أعتقد لن ينجح حمدوك لأن يوفق بين كافة المكونات السودانية مهما إجتهد ..!.
وبالتالي فالأوضاع الحالية في السودان إستثنائية ولا يحق لأي شخص أو مجموعة إدعاء ملكية القرار فيها وبالتالي أصبح الإتفاق الثلاثي (البرهان ، حمدوك ، حميدتي) يندرج تحت ذات الإطار لأجل الخروج بالبلاد من الأزمة سلميا نحو إنتخابات حرة وديمقراطية يقول فيها الشعب كلمته ويفوض فيها من يفوضه وعلي المجتمع الدولي أن يدرك ذلك وإلا سينهار الإتفاق الثلاثي بين (البرهان وحمدوك وحميدتي) وستدخل البلاد في دوامة مؤسفة وعواقب غير محمودة ..!.
الرادار .. السبت الرابع من ديسمبر 2021 .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!