الرؤية نيوز

محمد عبد الماجد يكتب: الحكومة (المسيّرة)

0

(1)

       ادعوا عدم قانونية لجنة تفكيك انقلاب 30 يونيو التي تكونت بشرعية ثورية وأنشأت نيابة خاصة بها لمحاكمة من سرقوا ونهبوا ثروات الشعب في العهد البائد، وجاءوا وأعادوا جهاز الأمن والمخابرات وأرجعوا له صلاحياته التي كانت سبباً في قيام ثورة ديسمبر المجيدة.

       رفضوا محاسبة من أفسد وسرق ونهب باسم الدين وحللوا لأنفسهم أن يحموا كراسيهم بإغلاق الجسور بالحاويات وقطع خدمة الإنترنت ومنحوا جهاز الأمن والمخابرات صلاحية الاعتقال والمحاكمة لمن خرج ليهتف بمدنية الحكم وينادي بالسلام والحرية والعدالة.

       قالوا إن لجنة تفكيك انقلاب 30 يونيو تقوم بالاعتقال بدون مسوغ قانوني وأعطوا لجهاز أمنهم نفس الخاصية التي حرموها على لجنة جاءت من أجل محاربة الفساد.

(2)

       عندما كان هناك وعي وكان هناك حكومة وطنية حقيقية لا تدار من الخارج كان سقوط شهيد واحد كما حدث في استشهاد الشهيد أحمد القرشي كفيل أن يسقط حكومة عبود.

       حدثت مجزرة فض الاعتصام وظلت الحكومة التي قامت بهذه المجزرة في السلطة وتم الاتفاق معها بعد تلك المجزرة.

       بعد انقلاب 25 أكتوبر سقط قرابة الـ(60) شهيداً وما زالت السلطة الحاكمة تحدث الناس عن السلام والحرية والعدالة وتدعي قيامها بمبادرات لمعالجة من أصابوهم واعتدوا عليهم بالذخيرة الحية وعلب البمبان.

(3)

       لو احترم المكون العسكري في الحكومة الانتقالية الوثيقة الدستورية والتزموا بالعهد واليمين الدستورية وسلموا قيادة مجلس السيادة لشخصية مدنية كما تقول الوثيقة بعد انتهاء فترة الرئاسة العسكرية للمجلس لاحترم الشعب فيهم ذلك – وربما لعف المكون المدني عن استلام رئاسة مجلس السيادة بعد انتهاء فترة البرهان في رئاسته… هذا أمر كان يمكن حله بالتوافق وليس بالانقلاب.

       كان يمكن أن يكون البرهان رئيساً لمجلس السيادة طوال فترة الحكم الانتقالية لو عرف البرهان أن يكسب ثقة المدنيين بدلاً من الانقلاب عليهم.

       المكون العسكري عندما اقتربت فترة نهاية رئاسة مجلس السيادة للبرهان انقلبوا على الوثيقة الدستورية وانقلبوا على الحكومة الانتقالية وبدلاً من أن يسلموا رئاسة مجلس السيادة لزملائهم المدنيين في مجلس السيادة قاموا باعتقالهم واعتقال المدنيين في مجلس الوزراء.

       مجلس السيادة الذي انقلب على المدنيين في 25 أكتوبر يبحث الآن عن تكوين لجنة للتواصل مع القوى السياسية التى سبق أن انقلبوا عليها، بعد أن وجد الشارع السوداني ينادي ويطالب بالحكم المدني.

       كيف يحاور المدنيون من انقلب عليهم ووضعهم في السجون والاقامات الجبرية.

       لا يمكن أن يكون هناك تواصل أو تفاوض بين العسكر والمدنيين بعد انقلاب 25 أكتوبر هذا أمر جعلنا نفقد الثقة في العسكر تماماً.

       قد يكون الثمن غالياً للوصول إلى حكم مدني كامل بدون شراكة عسكرية – مهما كان الثمن والتضحيات التى تقدم من أجل ذلك فسوف يكون هذا أفضل من التفاوض أو الاتفاق مع العسكر من جديد.

       لا تمنحوهم فرصة للانقلاب عليكم مرة أخرى.

       العسكر لا يتفاوضون ولا يتفقون مع المدنيين إلّا من أجل الانقلاب عليهم… هم يبحثون عن حكومة وفاقية للانقلاب عليها.

       الكتلة العسكرية في السلطة بما تمثله من الجيش والدعم السريع والحركات المسلحة اجتمعت في القصر والسودان يعيش في فوضى في دارفور وفي كل أنحاء السودان ولا تملك كل تلك القوات العسكرية غير التعامل مع الشارع السوداني بإغلاق الجسور بالحاويات وقطع خدمة الاتصالات والإنترنت.

(4)

       بعد استقالة حمدوك أصبحت الحكومة الانتقالية حكومة بدون (رئيس) – حتى الفريق أول عبدالفتاح البرهان أضحى يطلق على نفسه القائد العام للقوات المسلحة في ظل عدم الاعتراف بشرعية مجلس السيادة الذي شكله البرهان منفرداً.

       يثبت ذلك أن أعضاء مجلس السيادة الذين عينهم البرهان جاءوا للمجلس كتمومة جرتق فهم مثل (نباتات الزينة) في القصر الجمهوري.

        الحكومة الانتقالية بعد أن أصبحت بدون رئيس تدار من الخارج أو من بعد وهي حكومة (مسيّرة) لا تملك إرادة ولا قراراً لأنها لا تملك سنداً شعبياً ولا تفويضاً وهي أيضاً لا تملك (قوتها) لذلك لا تملك قرارها – البلاد تدار من الخارج على طريقة (الطائرة المسيّرة)  وهي كما تعرف  طائرة دون طيار ويطلق عليها (الدرون) أو (الزنانة) هي طائرة توجه عن بعد أو تبرمج مسبقاً لطريق تسلكه في الغالب تحمل حمولة لأداء مهامها كأجهزة كاميرات أو حتى القذائف.

       الحكومة الانتقالية الآن تدار على طريقة (الطائرة المسيّرة) وهي تحمل توجيهات (خارجية) وتأتي رغباتها ضد رغبات الشعب وتطلعاته.

       لا يهمهم الوطن ولا المواطنين في شيء – لذلك يرتفع عدد الشهداء بهذه الصورة المخيفة وينزلق الوطن إلى ذلك المنزلق الذي هو فيه الآن.

       لقد انتقلنا من الحكومة الانتقالية الى الحكومة المسيّرة وهذه مرحلة خطيرة يمكن أن تجرف الوطن للضياع.

       هذا الشعب العظيم إذا رفض حكم العسكر فهو من الطبيعي لن يقبل بأن يحكم من الخارج بواسطة حكومات أجنبية لها مصالح وأجندة خاصة في السودان.

(5)

       بغم /

       خبير أمني – استراتيجي (لبن تمر هندي) اسمه على ما أعتقد الفريق فتح الرحمن محيي الدين يظهر في الفضائيات العربية لتحليل كل قرارات البرهان… لا تفرق عنده تناقضات تحليلاته التى يبدلها كما يبدل بدلته.

       هذا المحلل عندما تمت الإطاحة بحمدوك في انقلاب 25 أكتوبر قال إن الإطاحة بحمدوك هي (الحل) لأن حمدوك ضعيف.

       عندما عاد حمدوك إلى منصبه في 21 نوفمبر قال إن عودة حمدوك هي (الحل) لأن حمدوك عنده قبول خارجي وداخلي كبير.

       عندما استقال حمدوك في 2 يناير – قال إن استقالة حمدوك هي (الحل) لأن حمدوك لم يقدم شيئاً.

       أعتقد أن من عبقريات هذه الحكومة قدرتها على استنساخ (التوم  هجو) في أكثر من مكان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!