الرؤية نيوز

محمد عبد الماجد يكتب: (بئر) السودان و(حفرة) ريان

0

(1)
       على مدى الأيام الخمسة التي كان فيها الطفل المغربي ريان داخل البئر يتابع العالم كله تحركاته وأنفاسه والهيئة التي كان فيها والحالة الصحية كان صديقي (ضفاري) من وقت لآخر يقول إن الوضع الذي فيه (ريان) الآن هو مثل الوضع الذي فيه السودان الآن.
       لهذا تابعت أخبار الطفل ريان بشيء من الإحساس (الوطني) إلى جانب المشاعر (الإنسانية) التي جعلت كل الناس تتفاعل مع هذا الطفل حتى أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي عبارة عن (بئر) اجتماعية كبرى يوجد فيها العالم كله.
       كنت أشفق على الطفل ريان وأتعاطف معه من اتجاهين – اتجاه تدفعنا له مشاعرنا الإنسانية ليخرج هذا الطفل حياً من ذلك (الجب) واتجاه آخر كان سيرنا فيه لدواع (وطنية) بسبب تشابه وضعية الطفل ريان مع وضعية السودان.
       كنت أظن أن إنقاذ الطفل وخروجه سالماً من تلك البئر هو إنقاذ للسودان وخروج له من تلك (العزلة) التي يعيش فيها الوطن في صورة أشبه بصورة الطفل ريان وهو في شكل هيكلي جامد ، كأنه لوح خشبي يجمع أطرافه إليه بصعوبة ويصارع من أجل الحياة بشق الأنفس.
       لذلك كنت أقول إن الطفل ريان سوف يعبر وسوف ينتصر على هذه الوضعية.
       قلت لهم إن هناك ضوءاً في آخر النفق !! يوجد بصيص أمل في آخر البئر، وأنا أشاهد الجهود المغربية الكبيرة لإنقاذ الطفل والتعاطف العالمي مع الطفل، لهذا رددت بيني وبين نفسي سنعبر وسننتصر.
       هناك ضوء في آخر الجرف!!
(2)
       صديقي كان يقول لي إن وضعية السودان أسوأ من وضعية ريان وذلك عندما يرى تفاعلي مع الطفل ريان وهو يسألني في كل ساعة عن أين وصلت الأحداث؟ وكيف هو حال الطفل الآن؟ كان هو يرى ألا جدوى من هذا الذي يحدث لإنقاذ الطفل الذي سوف يموت لا محالة.
       كان صديقي ضفاري يقول لي إن البئر التي سقط فيها الطفل ريان عمقها بالأمتار (32) متراً، والبئر التي فيها السودان عمقها (30) سنة مع الإضافة (المقطعية) للمدة التي تلت انقلاب 25 أكتوبر حيث نزلنا إلى عمق أكبر.
       الشعب السوداني يتنفس من ذلك العمق وسط الرصاص والبمبان – الشعب محاصر بنفس الوحشة والظلمة التي كانت في بئر ريان.
       لهذا فإن المقارنة بين الطفل والسودان تجعلنا نقول إن ريان كان في (حفرة) أما السودان فهو في (بئر) ، لأن الشعب السوداني كله في ذلك الجرف السحيق.
(3)
       بعد خمسة ايام من سقوط الطفل في البئر أعلنوا عن الوصول للطفل بعد محاولات الإنقاذ التي كانت جارية – قالوا إنهم استطاعوا بعد جهد كبير أن يصلوا إلى الطفل.
       لكنهم للأسف الشديد عندما وصلوا إليه كان الطفل أشبه بالجثة الهامدة – لقد انتظركم ريان (5) أيام في هذه البئر العميقة – كانت كل سبل الإنقاذ إليه عبارة عن محاولات – لينجحوا في الوصول للطفل بعد أن أصحبت حياته مستحيلة.
       عندما قالوا لي إن الطفل ريان قد مات بكيته مرتين – مرة على أنه أمهل حكومة بلاده (5) أيام ثم مات بعد ذلك ومرةً على السودان. بعد أن شعرت بالإحباط وأصابني الحزن على ما يمكن أن ينتهى إليه السودان.
       مع ذلك أقول إن الطريقة التي اتبعتها السلطات المغربية لإنقاذ الطفل كانت عقيمة – أعتقد أن الشباب السودانيين قادرون على إنقاذ الوطن من هذه البئر التي سقط فيها السودان.
(4)
       بغم/
       من حفر حفرة لأخيه وقع فيها – فكيف حال الذي حفر (بئراً) لشريكه؟.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!