الرؤية نيوز

جريدة خليجية : هل تجميد النقابات في السودان جزء من تسوية سياسية مرتقبة؟

0

أصدر رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان، بصورة مفاجئة، مؤخرا، قرارا بتجميد نشاط النقابات والاتحادات المهنية والاتحاد العام لأصحاب العمل وفرض السيطرة على أرصدتها المالية.

كما أصدر البرهان قرارا بتشكيل لجنة برئاسة مسجل عام تنظيمات العمل بوزارة العدل لتكوين لجان تسيير النقابات والاتحادات المهنية واتحاد أصحاب العمل.

وكانت لجنة إزالة التمكين وتفكيك نظام الرئيس السابق عمر البشير، قررت حل مجالس إدارة النقابات، على اعتبار أنها كانت تحت سيطرة البشير خلال فترة حكمه (1989-2019).

وتشكلت لجان لتسيير النقابات والاتحادات المهنية خاصة في عهد الحكومة الانتقالية برئاسة عبدالله حمدوك بين أغسطس 2019 وأكتوبر 2021 ثم أصدر البرهان في 26 من ذلك الشهر قرارا بحل هذه اللجان التسييرية.

لكن بعد صراع قضائي استمر 3 سنوات، قضت المحكمة العليا مطلع نوفمبر المنصرم بإلغاء قرار لجنة إزالة التمكين، وإعادة وضع النقابات إلى ما كانت عليه من قبل وتمكينها من اختيار مجالسها بصورة ديموقراطية وفقا لأحكام القوانين المنشئة لها.

ووصف نقابي، في حديث لوكالة «الأناضول» التركية، قرار التجميد الأخير بأنه «ديكتاتورية وتدخل من جهة تنفيذية في قرار قضائي بعودة النقابات»، بينما اعتبر نقابي آخر تجميد النقابات «إجراء طبيعي.. فالثورة تجاوزتها»، لكنه أعرب عن عدم الثقة في تشكيل لجان تسييرية.

ورجح خبير سياسي أن التجميد يمثل تنازلا من البرهان لتحالف قوى إعلان الحرية والتغيير (الائتلاف الحاكم سابقا) لإنجاح التسوية السياسية المرتقبة بين العسكريين والمدنيين، خاصة وأن التحالف أعلن مرارا رفضه عودة نشاط النقابات السابقة.

وفي 17 نوفمبر الماضي أعلنت الآلية الثلاثية للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية للتنمية (إيغاد) التوصل إلى «تفاهمات أساسية» بين العسكر والمدنيين لحل الأزمة السياسية في السودان.

وتنشط الآليتان الثلاثية والرباعية، المكونة من الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات، في إعداد تسوية سياسية بين العسكريين والمدنيين، على أساس مشروع دستور انتقالي أعدته نقابة المحامين.

وسلمت لجنة تسيير نقابة المحامين، في 10 سبتمبر الماضي، إلى الآلية الثلاثية «مشروع الدستور الانتقالي للعام 2022».

والمشروع يتضمن «طبيعة الدولة وسيادة الدستور وحكم القانون ووثيقة الحقوق والحريات الأساسية ومهام الفترة الانتقالية ونظام الحكم الفيدرالي وهياكل السلطة الانتقالية وتكوينها».

إنجاح التسوية

وقال الكاتب والمحلل السياسي عبدالحميد عوض لـ «الأناضول» ان «قرارات البرهان بشأن النقابات والاتحادات المهنية جزء من التفاهمات السياسية بين العسكريين والمدنيين لحل الأزمة في البلاد».

ورجح أن «قوى الحرية والتغيير التي قادت الاحتجاجات حتى عزل البشير اشترطت على العسكريين اتخاذ خطوات إيجابية بشأن القرارات التي اتخذتها لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد بشأن النقابات والاتحادات المهنية».

وتابع «البرهان أراد تقديم تنازلات لقوى الحرية والتغيير تمهيدا لإنجاح التسوية السياسية المرتقبة.. وقراراته جاءت مجافية لقرارات القضاء وكان عليه احترامها واستئنافها بصورة قضائية».

تدخل في عمل القضاء

أما الأمين العام للنقابة العامة للنقل والمواصلات والطيران (مجمدة) رئيس المجلس التنفيذي للاتحاد العربي للنقل يوسف جماع فوصف قرار البرهان بأنه «ديكتاتورية واضحة وتدخل سافر ومعيب من جهة سياسية وتنفيذية في قرار قضائي».
وأوضح أن «مهمة الاتحادات تنظيم نشاط منسوبيها ومرجعيتها الأساسية هي قوانين منظمة العمل الدولية وقانون نقابات العمل لعام 2010».

وتابع أن «النقابات لم تلجأ للمظاهرات بل لجأت للقانون، وأصدرت المحكمة العليا قرارا بعودة التنظيمات النقابية، وعلى الدولة عدم التدخل فيها بقرارات سياسية أو تنفيذية».

وأضاف انه «عندما يتدخل الجهاز السياسي في قرارات قضائية فعلى الدنيا السلام، والمسألة ليست دولة بل ديكتاتورية واضحة».

وحذر من أن «قرار البرهان يخلق عداوة بين منظمة العمل الدولية ومنظمة العمل العربية والافريقية وتنظيماتها، والمنظمة الدولية سترفض أي تنظيمات تنشأ من خارج إطارها سواء كانت لجان تسيير أو قيام تنظيمات نقابية».

إجراء طبيعي.. ولكن

أما القيادي النقابي عضو المكتب التنفيذي للجنة المعلمين (مستقلة) سامي الباقر فاعتبر أن «تجميد نشاط النقابات والاتحادات المهنية إجراء طبيعي، خاصة وأن الثورة ضد البشير تجاوزتها تماما».

وقال الباقر إن «المشكلة في قرارات البرهان الاخيرة تتمثل في تشكيل لجنة برئاسة مسجل عام تنظيمات العمل في وزارة العدل لتكوين لجان تسيير للنقابات والاتحادات المهنية».

وأوضح «لا نثق في توجهات مسجل عام تنظيمات العمل، ونخشى أن يفتح الباب لعودة قيادات النظام الحاكم السابق للسيطرة على العمل النقابي».

وتابع «لجنة المعلمين لا ترغب في تشكيل أي لجان تسيير، فالنقابات تنشأ من القواعد، ونرغب في تشكيل لجان لإدارة الأصول الخاصة بالنقابات، شريطة ألا يكون لها أي دور نقابي في إعداد السجل والتحضير للانتخابات».

الانباء الكويتية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!