الرؤية نيوز

اختزال أزمة السودان في لقاء البرهان وحميدتي يطيل الحرب

0

متابعة:الرؤية نيوز

الخرطوم – تراجعت آمال

السودانيين في نجاح مساعي الهيئة الحكومية للتنمية بشرق أفريقيا (إيغاد) في عقد لقاء بين قائد الجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، ولم تحدد الهيئة موعدا جديدا نهائيا لاجتماع الطرفين بعد إرجاء اجتماع كان سيعقد قبل نهاية ديسمبر الماضي، في ظل مستجدات خلاف بين إثيوبيا والصومال يمكن أن يضاعف الانقسام في منطقة القرن الأفريقي.

ولم تتضمن الدعوة التي وجهها رئيس الدورة الحالية لإيغاد، رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيلي، لعقد جلسة استثنائية الخميس المقبل اللقاء المؤجل بين البرهان وحميدتي. واكتفى بيان جيبوتي بالتأكيد على أن القمة ستبحث تطورات الوضع في السودان في ضوء القتال المستمر منذ منتصف أبريل الماضي، والخلاف بين إثيوبيا والصومال.

ويخدم اختزال حل أزمة السودان في انتظار لقاء الجنرالين رؤية الحركة الإسلامية وأنصار النظام السوداني السابق لإطالة أمد الحرب وكسب وقت لمحاولة زيادة تعقيدات الصراع ومنْع التوصل إلى اتفاق يفضي إلى وقف إطلاق النار. ويبدو أن جلوس البرهان مع حميدتي لم ينضج بعد في نظر حلفائه الإسلاميين الذين يتحكمون في قراراته ويحاولون إعادة ترتيب أوراقهم بعد أن تكبدوا خسائر ميدانية عديدة في الفترة الماضية أمام الدعم السريع.

ويتخوف البرهان من أن يترتب على عقد اللقاء المؤجل إجباره على توقيع اتفاق يصب في صالح قائد الدعم السريع صاحب اليد الطولى في المكاسب العسكرية التي تحققت على الأرض. ويعني وقف الحرب في ظل هذه الأجواء أن أنصار البشير لن يكون لهم موقع في خارطة المستقبل عقب التوافق بين قوى ومكونات مدنية عدة على إبعادهم من المشهد، ولذلك تبقى الحرب السبيل الذي قد يحقق لهؤلاء موقعا في المعادلة الجديدة.

شريف عثمان: الأزمة السودانية أكثر تعقيدا من مجرد انتهائها بعقد لقاء بين الجنرالين
وترى قوات الدعم السريع أنها قادرة على تحقيق المزيد من المكاسب العسكرية مع تراجع قدرات الجيش، كما أنها أقدمت على اتفاق حسن نوايا مع تنسيقية القوى المدنية والديمقراطية (تقدم)، وبرهنت على أنها أكثر استعدادا للتوصل إلى اتفاق ينهي الحرب. ورفض البرهان توقيع اتفاق مع قائد الدعم السريع قبل تحقيق ما أسماه “استرداد السودان من الدعم السريع”، وأظهر تمسكا بمواصلة الحرب، موجها انتقادات حادة إلى لقاء حميدتي مع رئيس الحكومة السابق عبدالله حمدوك الذي يرأس تنسيقية القوى المدنية والديمقراطية.

وقالت القيادية في حزب الأمة القومي نجوى الزبير إن “التعويل على لقاء الجنرالين يرجع إلى أنهما يمسكان بزمام الحرب، بالوقف أو الاستمرار، غير أن توالي المراوغات يتطلب الضغط على فاعلين آخرين في الأزمة، ومن دون التحرك للبحث عن مسارات ضغط قوية من أطراف إقليمية مختلفة فإن مبادرة إيغاد ستبقى محلك سر (محلك سر تعني عدم التقدم والتطور)”.

وأوضحت في تصريح لـ”العرب” أن “هناك مشكلة تتمثل في عدم وضوح الرؤية بشأن أوضاع ما بعد الحرب، فالجيش أفشل مساعي عدة لوقف الحرب، وأظهر حميدتي أكثر من مرة رغبة في إيقافها، وسمح تعدد المنابر لجهات نافذة داخل الجيش بأن تجد أبوابا للتهرب من وقفها، فالانتقال من منبر جدة إلى إيغاد كان بطلب من البرهان”.

ويتفق سياسيون على أن الاعتماد على إيغاد بمفردها لن يحقق مردودا إيجابيا، وأن الصراع الحالي يدفع إلى ضرورة توسيع دائرة الضغط لوقف الحرب مع أهمية أن تبقى أزمة السودان في صدارة المشهد الإقليمي دون أن تتأثر بما يحيط بها من تحولات في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر، فتشتت جهود القوى الفاعلة وانشغالها بمشكلات ساخنة أخرى يخففان من حدة ضغوطها على البرهان. كما أن اتساع دائرة التوترات في القرن الأفريقي قد يخلط الأوراق ويحفز قوى خارجية على السعي نحو إعادة ترتيب تموضعها مستفيدة من النزاعات وانعدام الأمن.

وأكد القيادي في المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير شريف عثمان أن “الأزمة السودانية أكثر تعقيداً من مجرد انتهائها بعقد لقاء بين الجنرالين، وما يحدث جرى توارثه منذ عقود كانت فيها الحرب سمة تجارب الحكم في البلاد، والوضع بحاجة إلى معالجة أكثر موضوعية، ومازال لقاء البرهان وحميدتي قادرا على اختصار مسافات الحل بصورة كبيرة، خاصة إذا جرى الحوار بناءً على النقاشات السابقة”.

◙ البرهان يتخوف من أن يترتب على اللقاء المؤجل إجباره على توقيع اتفاق يصب في صالح حميدتي المتفوق عسكريّا

وشدد في تصريح لـ”العرب” على أن “الطرفين كانا قاب قوسين أو أدنى من التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار. ومن المنتظر، حال نجح لقاء الطرفين برعاية إيغاد، أن يتم التوقيع على اتفاق لإنهاء الحرب وإعادة السودان إلى المسار الديمقراطي”، لافتًا إلى أن القوى المدنية والإقليمية لم تفقد الأمل في انعقاد اللقاء.

وأشار إلى أن إيغاد هي جزء من منبر جدة المنبثق عن الوساطة السعودية – الأميركية، والهيئة أكثر قدرة على وقف الحرب، ما يجعل هناك ضرورة لتشارك الأطراف الفاعلة في الدفع نحو إنهاء القتال، مع أهمية أن يكون أساسَ عقد أي لقاء أو تفاوض مستقبلي استكمالُ ما جرى التباحث حوله في جدة.

وأقرت إيغاد، خلال قمة طارئة عقدت في التاسع من ديسمبر الماضي، عقد اجتماع مباشر بين قائديْ الجيش والدعم السريع في غضون أسبوعين، لكن الخطوة تعذرت لأسباب وصفتها جيبوتي بأنها فنية قبل أن تحدد منتصف يناير الجاري موعدا جديدا لاجتماع البرهان وحميدتي، وجاء الخلاف بين الصومال وإثيوبيا بما قد يغير الأولويات.

وبات تحجيم عناصر الحركة الإسلامية التي تشرف على تسليح شريحة كبيرة من المدنيين في بعض ولايات السودان مدخلاً مهما لوقف الحرب، مع ضرورة توسيع الجبهة المدنية كي تشمل القوى الثورية التي أسهمت في الإطاحة بنظام الرئيس عمر البشير، وإنهاء التباينات التي مثلت مبررات لأن يبقى صوت السلاح عاليًا.

وتأتي المخاوف الآن من اتساع نطاق العمليات العسكرية في مناطق متفرقة من البلاد مع انسداد أفق الحل السياسي، فقد شن طيران الجيش غارات على مواقع عدة بمدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور أدت إلى سقوط العشرات من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين. وتعد هذه هي المرة الثالثة التي يستهدف فيها طيران الجيش السوداني المدينة وسكانها، والتي أصبحت تسيطر عليها قوات الدعم السريع منذ أكتوبر الماضي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!