الرؤية نيوز

قائد البراء يتحدث ويثير الجدل

0 113

في خطوة غير متوقعة، أعلن المصباح أبوزيد، قائد ميلشيا البراء بن مالك، عزمه حصر نشاط قواته في العمل المدني فقط، ما أثار موجة واسعة من الجدل في الأوساط السودانية، خاصة أن القرار جاء في وقت تشهد فيه البلاد تصاعدًا حادًا في المواجهات المسلحة، واستمرار المعارك في مناطق متعددة، مع بقاء مساحات واسعة تحت سيطرة التمرد، وحصار مدن رئيسية مثل الفاشر وبابنوسة.

ورغم أن أبوزيد لم يحدد موعدًا رسميًا لتفعيل القرار، فإن تصريحه بأن الإعلان الكامل سيصدر قريبًا كان كافيًا لإثارة ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات حول توقيت الخطوة وأبعادها السياسية والأمنية. وأوضح أبوزيد أن القرار يأتي ضمن مراجعة استراتيجية شاملة لمهام وأولويات الفيلق، بهدف إعادة رسم هويته بما يتماشى مع مرحلة إعادة الإعمار وتحقيق السلام الوطني، مؤكدًا أن التحول إلى العمل المدني يعكس التزامًا عميقًا تجاه الوطن والمجتمع، ويجسد قيم البناء والاستقرار وخدمة المواطنين.

وفي محاولة لتهدئة الأجواء، شدد أبوزيد على أن القرار لا يمثل تراجعًا عن الولاء الوطني، بل يشكل تحولًا نوعيًا في دور قواته، مشيرًا إلى أن المرحلة القادمة تتطلب تركيز الجهود على دعم المواطنين في مجالات الخدمات والتنمية، وأن هذا التحول لا يقل أهمية عن أي واجب وطني آخر. كما أكد أن القرار يتم بالتنسيق الكامل مع القوات المسلحة السودانية، ويأتي ضمن خطة استراتيجية وطنية تهدف إلى إعادة ترتيب أولويات العمل الميداني بما يخدم المصالح العليا للبلاد.

الخطوة جاءت بعد نحو عشرة أيام من إعلان القائد العام للجيش السوداني، عبدالفتاح البرهان، إخراج الحركات المسلحة من العاصمة، وسط اتهامات بوجود تنسيق مسبق يتيح لكتيبة البراء، إحدى الأذرع المسلحة المرتبطة بتنظيم الإخوان، إعادة تموضعها في المشهد الأمني من خلال واجهات مدنية جديدة. وفي هذا السياق، وصفت الكاتبة السودانية صباح محمد الحسن إعلان الكتيبة بالتخلي عن العمل العسكري بأنه “كذبة ساذجة”، معتبرة أن التنظيم يسعى من خلال هذه الخطوة إلى الانسحاب من خشبة الأحداث إلى غرف الكواليس، بهدف السيطرة الحقيقية على مفاصل الدولة.

وأشارت الحسن إلى أن دخول كتيبة البراء في الحرب تم وفق خطة متقنة وتكتيك مسبق، وأنها كانت عنصرًا رئيسيًا في المعارك التي خاضها تنظيم الإخوان بأجهزته السياسية والأمنية، ما يجعل إعلان الانسحاب من العمل العسكري محاولة مكشوفة لإخفاء نوايا السيطرة. ووفقًا لتحليلها، فإن هناك ثلاثة دوافع رئيسية وراء هذا التكتيك الجديد: أولًا، محاولة إجهاض المطالب المتزايدة بإخراج التنظيم من المعادلة السياسية؛ ثانيًا، الاستعداد للسيطرة على مفاصل الدولة؛ وثالثًا، السعي لاستعادة السيطرة القاعدية عبر لجان الأحياء والنقابات.

ردود الفعل لم تقتصر على التحليلات السياسية، إذ عبّر عدد من القيادات العسكرية والناشطين عن قلقهم من أن انسحاب قوات البراء من الصفوف الأمامية قد يضعف الجبهة الوطنية الداعمة للقوات المسلحة والمقاومة الشعبية، محذرين من أن الخطوة قد تخلق فراغًا أمنيًا مشابهًا لتجربة قوات الدعم السريع. كما تساءل مراقبون عن ارتباط القرار بترتيبات دولية تهدف إلى وقف الحرب، تشمل تقليص أعداد التشكيلات العسكرية غير النظامية، ما يفتح الباب أمام سيناريوهات متعددة بشأن مستقبل المشهد العسكري والسياسي في السودان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.