الرؤية نيوز

مقترح سياسي يثير جدلا في السودان.. وتوقعات بصدام جديد بين حمدوك والبرهان

1

أثار الاتفاق السياسي الذي طرحته بعض القوى في السودان إلى رئيس الوزراء، عبدالله حمدوك، في محاولة لحل الأزمة السياسية في البلاد، جدلا كبيرا خلال الساعات الماضية، واعتبره البعض “شرعنة لانقلاب 25 أكتوبر”.

ويتضمن الاقتراح الذي تقدمت به بعض القوى السياسية في الحرية والتغيير، إعادة تشكيل المجلس السيادي على أن يتكون من 6 أعضاء بدلا من 13، كما ينص على دمج قوات الدعم السريع في الجيش السوداني.

ويتضمن المقترح أيضا رفع حالة الطوارئ، واعتماد الوثيقة الدستورية كمرجعية، وتشكيل حكومة مستقلة برئاسة عبدالله حمدوك، والإسراع في الحوار بين القوى السياسية في البلاد باستثناء نظام البشير، كما طالب بضرورة وقف جميع الانتهاكات.

وقال مقدمو المقترح: “تأكيداً على وحدة السودان أرضاً وشعباً، وتعزيزاً لسيادته وأمنه واستقراره وسلمه المجتمعي، والتزاماً بعملية الانتقال المدني الديمقراطي، وتحقيقاً لمصالح السودان العليا، نؤكد التزامنا بالشراكة بين المكونين المدني والعسكري وشركاء السلام، والتي تتطلبها وتحتمها المرحلة الانتقالية كما نصت عليها الوثيقة الدستورية واتفاقية جوبا للسلام”، بحسب صحيفة الراكوبة المحلية.

“شرعنة للانقلاب”

لكن بمجرد الإعلان عن هذا المقترح ثارت حالة من الجدل والخلاف بين القوى السياسية بين مؤيد ومعارض، فقد أعاد المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير نشر بيان سابق أكد فيه رفضه لأي اقتراح سياسي مبني على قرارات 25 أكتوبر، وأكد أن “حمدوك لا يملك الصلاحية الدستورية للتصديق على مثل هذه المقترحات”.

وقال بيان المكتب إن هذه المقترحات “عطاء من لا يملك لمن لا يستحق، وأنه ليس إلا محاولة لشرعنة قرارات الانقلاب وهندسة التغول على الوثيقة الدستورية وإسقاطها، وأن الدعوة لميثاق سياسي يعكف عليه رئيس الوزراء مع أفراد في تجاوز تام للشارع ولقوى الحرية والتغيير وكافة قوى الثورة والتغيير خارجها، وما هو إلا امتداد لبناء الحاضنة السياسية للانقلاب”.

وأكد القيادي في حزب الأمة القومي، صديق الصادق المهدي، أنهم يرفضون هذا المقترح السياسي كما رفضوا الاتفاق الثنائي بين حمدوك وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، لأنهما ترتبا على قرارات 25 أكتوبر، وقال: “ما بني على باطل فهو باطل”.

وأضاف المهدي، عضو المجلس المركز لقوى الحرية والتغيير، في حديثه لموقع “الحرة” أن الغرض من هذه الاقتراحات هي تهميش قوى الحرية والتغير واستبدالها بقوى أخرى مؤيدة للانقلاب والحكم العسكري.

وأوضح أنهم لا يرفضون هذه البنود، ولكنهم لا يثقون في المكون العسكري ولا يجدون الضامن لتنفيذه. وأشار إلى أن من تقدموا بهذا الاقتراح لا يتعدون 5% أو 10% من القوى المكونة للحرية والتغيير، مشيرا إلى أنهم معروفون بتأييدهم للحكم العسكري، ولا يعبرون عن الحرية والتغيير والقوي الثورية والشارع السوداني، بحسب تعبيره. 

كان قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، أعلن في 25 أكتوبر حالة الطوارئ في البلاد وحل مجلس السيادة الذي كان يترأسه، والحكومة برئاسة، عبدالله حمدوك، الذي جرى توقيفه لفترة وجيزة، ثم وضعه قيد الإقامة الجبرية في منزله، وأوقف معظم وزراء الحكومة من المدنيين وبعض النشطاء والسياسيين.

وفي 21 نوفمبر، استجاب البرهان للضغوط الدولية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وتهديدات بفرض عقوبات ووقف المساعدات المالية والدبلوماسية، وأعاد حمدوك إلى رئاسة الحكومة، وفق اتفاق سياسي جديد.

ومنذ قرارات 25 أكتوبر، يشهد السودان مظاهرات في مختلف أنحاء البلاد، رفضا للانقلاب العسكري، وللمطالبة بعودة الحكومة المدنية، وشهدت دعوات للعصيان المدني والاعتصام. وخلال هذه المليونيات سقط نحو 42 قتيلا.

“ليس جديدا”

قال عضو الحرية والتغيير، بشري الصايم، إن هذا المقترح ليس جديدا، وخلال الفترة الماضية تم تقديم 16 مقترحا مشابها تحت أسماء مختلفة، مؤكدا أن من تقدموا بالمقترح الأخير هم من مؤيدي حمدوك في قوى الحرية والتغيير.

وأشار الصايم في حديثه مع “الحرة” إلى أنهم “يرفضون هذا المقترح، لأنه يلغي الشريك المدني في الحكم بعد إلغاء كل المواد الخاصة بالمكون المدني في الوثيقة الدستورية في انقلاب 25 أكتوبر”.

وأكد أن حمدوك انقلب على المكون المدني وفقد الكثير من مؤيد، مشيرا أنه “لا طريق للعودة والتوافق معه إلا بإلغاء كل القرارات التي ترتبت على 25 أكتوبر”.

وبالرغم من مرور أكثر من 3 أسابيع على عودة حمدوك لمنصبه إلا أنه حتى الآن لم يعلن عن تشكيل حكومة جديدة، وأرجع حمدوك في منشور له على فيسبوك خلال الساعات الماضية، ذلك بسبب “انخراط كل القوى السياسية الداعمة للثورة والانتقال المدني الديمقراطي في حوار جاد وعميق بغية التوافق على ميثاق وطني، وخلق جبهة عريضة لتحقيق الانتقال المدني الديموقراطي وتحصينه”.

وأضاف: “سيشكل هذا التوافق الوطني إطاراً قومياً لتوحيد الصف وتأسيس آلية لتشكيل حكومة كفاءات وطنية بجانب إكمال هياكل السلطة الانتقالية ومراقبة عملها، بغية تحقيق أولويات ما تبقى من الفترة الانتقالية، والمتمثلة في تنفيذ اتفاقية جوبا للسلام واستكمال عملية السلام، وتحقيق الاستقرار والانتعاش الاقتصادي، وتعزيز الوضع الأمني، وإكمال عملية الانتقال الديمقراطي عبر انتخابات حرة ونزيهة”.

ويرى تحليل لوكالة رويترز أن حمدوك أمام معضلة سياسية لتشكيل حكومة تضمن القيام بدورها في مرحلة الانتقال الصعبة وصولا للانتخابات التي ينشدها الجميع.

وأشار التحليل إلى أنه لإنقاذ العملية الانتقالية، يحتاج حمدوك إلى “إثبات استقلاليته عن القيادة العسكرية التي وضعته قيد الإقامة الجبرية، واحتجزت بعض وزرائه لعدة أسابيع قبل أن يبرم صفقة ضمنت عودته”.

وحذر التحليل من أن الفشل قد يؤدي إلى المزيد من الاضطرابات في السودان، حيث لا يزال مستقبل الدعم الاقتصادي الدولي غير مستقر في وقت يحتاج ما يقرب من ثلث السكان إلى مساعدات إنسانية.

كما يهدد تجدد الاضطرابات بزعزعة الأقاليم المختلفة في البلاد، خاصة تلك القريبة من الحدود الشرقية مع إثيوبيا ودارفور حيث قتل العشرات خلال الأيام الماضية، بحسب رويترز.

صدامات قادمة

من جانبه، لا يتوقع المحلل السياسي، اللواء عبد الهادي عبد الباسط، قبول المكون العسكري أو حمدوك لمثل هذا المقترح، مشيرا إلى حدوث بوادر توترات واحتقان بين حمدوك والعسكريين مرة ثانية.

وأوضح عبد الباسط في حديثه مع موقع “الحرة” أن حمدوك أصبح يعاني من تعدد الخصوم سواء داخل قوى الحرية والتغيير والمقاومة الشعبية في الولايات والمكون العسكري.

وتوقع أنه في خلال أيام قد يحدث صدام جديد بين المكون العسكري وحمدوك ينتهي بإقالة الأخير إذا لم يتم يتوقف عن إلغاء قرارات وتعيينات البرهان و”التعامل من تحت الطاولة مع بعض قوي الحرية والتغيير” بحسب تعبيره.

وأكد أن حمدوك لن يجد تعاطفا كبيرا من القوى المدنية بعد قبوله العودة لرئاسة الحكومة بعد قرارات 25 أكتوبر، مشيرا إلى أن المجلس العسكري لن يهتم هذه المرة بالضغط الدولي.

كان رئيس الوزراء السوداني أصدر مجموعة من القرارات فور عودته استبدلت أمناء الولايات الذين عينهم البرهان بآخرين، كما أقال القائد العام للشرطة ومساعده وعين آخرين.

بدوره، يرى المهدي أن حمدوك تجاوز دوره كرئيس حكومة ولعب دورا سياسيا نيابة عن قوى الحرية والتغيير، وقال: “هذا سوء تقدير منه أكثر منه انقلاب على المكون المدني”.

وقال البرهان إن الاتفاق السياسي الذي وقعه مع حمدوك في 21 نوفمبر وما سبقه من إجراءات تصحيحية يمثلان “المرج الآمن وأرضية الطريق لاستكمال مهام الانتقال في البلاد”

وأكد البرهان في كلمة له بمناسبة تخريج دفعة جديدة من ضباط كلية الحرب والدفاع في الخرطوم، الأربعاء، أنه “لا تراجع عما تم اتخاذه من إجراءات وما تم الاتفاق عليه من مبادئ تحكم بقية الفترة الانتقالية”، مشيرا إلى أن هذا الاتفاق هو “الأساس الذي يجب أن يبنى عليه ميثاق التوافق الوطني”. 

وقال إن ما تمر به البلاد الآن من ظروف وتحديات واقتتال وانقسام، يتطلب من الجميع إعلاء قسم الوطنية وتغليب المصلحة العليا للبلاد والتسامي والتسامح.

في المقابل، أكد القيادي بحزب الأمة أن قوى الحرية والتغيير تعكف على إعداد خارطة طريق جديدة سيتم عرضها علي الحكومة وباقي القوى الثورية للتوافق حولها.

حسين قايد – دبي

تعليق 1
  1. الصليحي يقول

    نعم للاتفاق
    لا للفوضى واستدراج الدوله للهاويه

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!