اكتشاف كنز ثمين في هذه الدولة العربية الفقيرة سيجعلها أغنى من السعودية بألف مرة
تعتبر موريتانيا من الدول الفقيرة، ورغم أن عدد سكانها لا يتجاوزون 4 مليون نسمة، إلا أن نسبة البطالة فيها تمثل 30٪، ونصف سكانها لا يزيد دخلهم على دولارين في اليوم، لكن هذه الدولة الفقيرة توشك اليوم أن تعيش عصر الطفرة وتتغلب على الفقر بعد اكتشاف كنزاً ثمين على أراضيها سيجعلها أغنى من السعودية وجميع دول الخليج.
الكنز المرتقب او الكنز الثمين الذي تم اكتشافه في موريتانيا، هو الغاز، حيث أعلنت السلطات الموريتانية بشكل رسمي اكتشافات غازية في المياة الموريتانية، موضحةً أن هذه الاكتشافات ستحدث نقلة نوعية في الاقتصاد الموريتاني وتنتشل المواطن الموريتاني من الفقر المدقع إلى عالم الثراء والرفاهية.
اكتشافات غازية في موريتانيا
بدأت الاكتشافات الغازية في موريتانيا في منتصف عام 2015 حدثت المعجزة بالفعل، وذلك عندما نجحت سفينة حفر تتحرك منذ عدة سنوات في المياه الموريتانية والسنغالية، في اكتشاف عدداً من آبار الغاز، حيث كان الاكتشاف الأول في منطقة «السلحفاة الكبير»، التي أصبحت فيما بعد تسمى (آحميم)، وهي المنطقة التي تقع على الحدود بين موريتانيا والسنغال، وفي نفس العام اكتشفت منطقة «مارسوين» التي أصبحت فيما بعد تسمى «بئر الله». ويقع الاكتشافان في نفس القطاع (c8)، ويفصل ما بينهما قرابة ستين كيلومتراً داخل المياه الإقليمية الموريتانية، إذا يقع «بئر الله» إلى الشمال، وذلك في إطار حوض غازي يمتد لأكثر من مائتي كيلومتر قبالة السواحل الموريتانية والسنغالية.
وداخل منطقة «السلحفاة الكبير» تم حفر ثلاثة آبار، اثنان في المياه الموريتانية هما: «آحميم 1» و«السلحفاة 1»، وواحد في السنغال هو: «جومبيل»، وكانت هذه الآبار الثلاثة ناجحة إذ مكنت من الوصول إلى كميات معتبرة من الغاز الطبيعي عالي الجودة. أما في منطقة «بئر الله» فقد نجحت السفينة المذكورة قبل أيام في حفر بئر «أوركا 1» الذي فاق التوقعات التي كانت بحوزةى الشركة الأمريكية، ووصف من طرف كوسموس وبريتش بيتروليوم بأنه أكبر اكتشاف في المياه العميقة خلال عام (2019)، وثالث اكتشاف عبر العالم خلال ذات العام أيضاً.
قفزة إيجابية
ومنذ الإعلان عن الاكتشافات الغازية في المياه الموريتانية بدأت التكهنات بعصر الوفرة الذي يوشك أن يعيشه البلد الذي لا يزيد دخل أكثر من نصف سكانه على دولارين في اليوم.
ويؤكد رئيس قسم المالية في المدرسة الوطنية للإدارة والصحافة والقضاء بنواكشوط محمد أبومدين أن “موريتانيا تتوفر على مقدرات مؤكدة من الغاز الطبيعي متمثلة في بئر السلحفاة (أحميم) المشتركة بين موريتانيا والسنغال، وتقدر احتياطاتها بـ 25 مليار قدم مكعب من الغاز، و(بئر الله) الخالصة للدولة الموريتانية والمقدرة احتياطاتها بـ 50 مليار قدم مكعب، وهناك مؤشرات على إيجاد مزيد في الأرض وفي البحر”.
بشائر الغاز
ولم تعد قصة الغاز الموريتاني المرتقب إنتاجه تخفى على المواطن البسيط، فجميع المؤشرات تؤكد بوادر فتوحات مالية ستنعم بها موريتانيا التي لا تتعدى موازنتها حالياً ملياري دولار أميركي، بينما سيؤمن لها نصيبها من عائدات الغاز في العام الأول من التصدير “بالنسبة لبئر أحميم فقط 400 مليون دولار كحصة للحكومة، إضافة لعائدات ضريبية تمكنه من تجاوز المليار و200 مليون دولار سنوياً”، بحسب الاقتصادي أبو مدين.
ويرى الباحث الاقتصادي أمم أنفع، أنه “من حيث الأرقام ستؤدي الأموال المتدفقة من جهة الشركات الأجنبية العاملة في مجال الغاز، إلى ارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي. ومن أجل أن يكون لتلك الأرقام التأثير المرجو، يجب على السلطات الحالية إرساء نظام يكافح الفساد وسوء التسيير، ويضمن الانتقال بنموذج النمو إلى صيغة شاملة حتى يكون بالإمكان دمج الفئات المهمشة في الدورة الاقتصادية بشقيها الإنتاجي والاستهلاكي، وهو ما بدأت معالمه تظهر للعيان في الفترة الأخيرة، بدليل ذهاب الحكومة الحالية إلى استحداث بنود إنفاق جديدة مخصصة للحماية الاجتماعية، وزيادة أخرى مرتبطة بالقطاعات الاجتماعية كالتعليم والصحة، اللذين ظل مستوى الإنفاق عليهما طيلة السنوات الماضية دون المستوى المتعارف عليه عالمياً، وذلك بسبب الفجوة المسجلة في جانب التمويل التي من المتوقع أن تتم حلحلتها في ظل هذه الطفرة المتوقعة، حيث تقدر العائدات المالية لحقل (أحميم) المشترك مع الجارة السنغال في المتوسط، بمليار دولار سنوياً من دون الضرائب والرسوم”.
نادي الدول المصدرة للغاز
تستعد موريتانيا لدخول نادي الدول المصدرة للغاز وتؤمن لها احتياطاتها المؤكدة من هذه المادة التي تعد المصدر الأول للطاقة في العالم من تبوؤ المرتبة الثالثة أفريقياً من حيث احتياطي الغاز على مستوى القارة السمراء.
ووفقاً لتصريحات وزير البترول الموريتاني عبد السلام محمد صالح، فإن حقل غاز “السلحفاة أحميم” سيدخل طور الإنتاج الفعلي بنهاية العام الجاري 2023، مؤكداً اكتمال مراحل إنشاء الحقل بنسبة 90 بالمئة.
ووفقاً لتصريحات المدير العام لقطاع المحروقات في وزارة البترول الموريتانية المصطفى البشير، فإن المرحلة الأولى من مشروع تورتو أحميم سيُصَدَّر خلالها 2.5 مليون طن سنويًا من الغاز المسال.
مشروع تورتو أحميم للغاز المسال
وكانت شركة النفط البريطانية بي بي -مشغّلة مشروع تورتو أحميم – قد أعلنت أن السفينة العائمة للإنتاج والتخزين والتفريغ بدأت الإبحار نحو موقع المشروع قبالة سواحل موريتانيا والسنغال، في 23 يناير/كانون الثاني 2023.
وتُعَدّ السفينة العائمة للإنتاج والتخزين والتفريغ جزءًا رئيسًا من تطوير مشروع تورتو أحميم للغاز المسال، الذي يشمل أيضًا التطوير تحت سطح البحر لحقول الغاز ومنشآت الغاز المسال العائمة القريبة من الشاطئ.
وستعالج السفينة الغاز الطبيعي؛ إذ ستعمل على إزالة المكثفات والمياه والشوائب الأخرى، قبل تصديره عن طريق خط الأنابيب إلى منشآت الغاز المسال العائمة الخاصة بالمشروع، على بُعد 10 كيلومترات من الشاطئ.
ومن المقرر أن تعالج السفينة نحو 500 مليون قدم مكعّبة قياسية يوميًا من الغاز، مع 8 وحدات معالجة وإنتاج.
وسيجري تسييل غالبية الغاز بوساطة منشآت الغاز المسال العائمة، بما يتيح التصدير إلى الأسواق الدولية؛ بينما يُخصص بعضه للمساعدة بتلبية الطلب المتزايد في موريتانيا والسنغال.
ويتطلع الموريتانيون إلى أن تسهم عائدات ثروة البلاد من الغاز، في تحسين ظروفهم المعيشية وتوفير فرص للشباب العاطلين عن العمل، حيث تصل نسبة البطالة 30 بالمئة في هذا البلد العربي البالغ عدد سكانه نحو 4 ملايين نسمة.