كرتي يتوعد السيسي والبرهان: الإفراج عن المصباح أو مواجهة تداعيات خطيرة
كرتي يلوّح بانفجار التحالف مع البرهان ويتهم مصر والسودان بقمع الإسلاميين واغتيال مرسي
وجّه محمد الحسن كرتي، شقيق الأمين العام للحركة الإسلامية السودانية علي كرتي احد المطلوبين للجنائية الدولية ، رسالة تهديد مباشرة إلى رئيس مجلس السيادة قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مطالباً بالإفراج الفوري عن المصباح أبو زيد طلحة، قائد ميليشيا “البراء بن مالك”، الذي اختفى في مدينة الإسكندرية منذ نحو أسبوع. الرسالة، التي حملت لهجة شديدة، كشفت عن تصدع محتمل في التحالف القائم بين الحركة الإسلامية والبرهان، وهو التحالف الذي تشكّل على أساس المصالح المشتركة منذ اندلاع الصراع الأهلي في السودان في أبريل 2023.
المصباح، الذي كان في القاهرة لعقد لقاءات مع قيادات إسلامية متحالفة مع البرهان، اعتقلته السلطات المصرية قبل أن تفرج عنه لاحقاً، وسط غموض أحاط بمصيره لأيام. الرسالة التي بعث بها كرتي تضمنت اتهامات للنظامين المصري والسوداني بتنفيذ ما وصفه بـ”مخطط صهيوني”، وأعادت إحياء الاتهامات الإخوانية القديمة ضد القاهرة بشأن قمع الاحتجاجات في ميداني رابعة والنهضة، إضافة إلى تحميلها مسؤولية ما اعتبره “اغتيال” الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي.
مراقبون رأوا في هذه الرسالة مؤشراً على عودة التحالف الإخواني بين السودان ومصر، الذي كان قد تراجع بفعل التقارب بين البرهان والسيسي خلال سنوات الحرب، مشيرين إلى أن تماسك سلطة بورتسودان بات مهدداً في ظل تصاعد الخلافات الداخلية. المصباح، الذي يقود ميليشيا تساند قوات البرهان في الحرب، ظل محتجزاً لأيام في الإسكندرية رغم تدخلات على أعلى المستويات من سلطة بورتسودان لدى الجانب المصري، الذي تأخر في الاستجابة، ما اعتُبر إحراجاً للبرهان أمام حلفائه، خاصة في ظل التوترات المتعلقة بتشكيل الحكومة الجديدة.
وسائل إعلام سودانية أفادت بأن سبب اعتقال المصباح يعود إلى مشاركته في نشاط ديني غير مصرح به، وهو ما يتعارض مع شروط الإقامة في مصر التي تحظر التجمعات والأنشطة السياسية والدينية دون إذن مسبق، ما يضعه في خانة مخالفة قوانين الدولة المستضيفة. يذكر أن المصباح سبق أن تعرض للتوقيف في المملكة العربية السعودية في يونيو من العام الماضي أثناء أدائه شعيرة العمرة، دون أن تتضح حينها ملابسات الاحتجاز.
في تطور لاحق، أعلن القيادي في تشكيل “البراء بن مالك” مهند إبراهيم عبر صفحته على فيسبوك أن المصباح تم اقتياده من المستشفى إلى جهة غير معلومة بعد شطب البلاغات الموجهة ضده. وكان المصباح قد أصدر بياناً في 10 أغسطس 2025 أكد فيه أن الإفراج عنه تم بعد فترة اعتقال قصيرة وصفها بالإجراء الروتيني الذي تتخذه أي دولة للتحقق من بعض الوقائع، متهماً جهات وصفها بـ”أعداء السودان” بالوقوف خلف البلاغات التي أدت إلى توقيفه.
عضو تشكيل “البراء بن مالك” أويس غانم أشار إلى أن خلافات داخل أجهزة الأمن المصرية عطلت الإفراج النهائي عن المصباح، مؤكداً انقطاع الاتصال معه في الساعات الأخيرة. وفي خطاب ألقاه أمام مجموعة الإسناد المدني في الخرطوم يوم 11 أغسطس، حمّل أويس الفريق أول عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء كامل إدريس مسؤولية أي تطورات تمس المصباح، موضحاً أن الاتصالات معه كانت قائمة حتى صباح ذلك اليوم قبل أن تنقطع بشكل مفاجئ.
غانم وصف المصباح بأنه من أكثر أعضاء تشكيل “البراء بن مالك” اتزاناً، مشيداً بدوره منذ اندلاع الحرب في السودان في 15 أبريل 2023، حيث كان من أوائل من دعوا إلى إنقاذ المستشفيات، وشارك في معارك متعددة في كردفان ودارفور وتلودي. وأضاف أن الهجوم الذي شنته قوات الدعم السريع دفع عناصر التشكيل إلى تلبية نداء الجهاد، معتبراً أن القتال بات فرض عين على كل من يستطيع حمل السلاح، طالما أن رئيس مجلس السيادة دعا إلى ذلك.
المصباح أبو زيد، الذي يُعد من أبرز قادة الميليشيات المتحالفة مع الجيش السوداني منذ اندلاع الحرب، يقود تشكيل “البراء بن مالك”، الذي يعتبره مراقبون امتداداً عسكرياً للحركة الإسلامية في السودان، وواجهة تنظيمية لتنظيم الإخوان المسلمين في المشهد العسكري. وقد وُجهت إلى هذا التشكيل اتهامات بلعب دور محوري في تأجيج الصراع المسلح، من خلال دعم العمليات العسكرية التي نفذها الجيش ضد قوات الدعم السريع، وسط تقارير عن تورط عناصره في عمليات تعبئة أيديولوجية وتجنيد على أساس ديني.