الرؤية نيوز

د.الصادق البشير أحمد يكتب:الإدراك الحقيقي والوعي السياسي

0

السودان:الرؤية نيوز

المشهد السياسي السوداني يتحرك نن حين ووقت في مسارات متسارعة ويتبدل في خططه ومشاهده بصورة اسرع في ذات الوقت يُصاب بالتخبط وعدم الدراية عند مرحلة التنفيذ في مجلسه الموقر ، لذا ولعامين من عمر التجربة خط المحللون من هجوم وتأييد ، كتب الصحفيون المحترفون مايبدو لهم من مقارنات أنظمة الحكم وتأثيراتها في مجالي التنمية والسياسة ، والّف الكُتاب كتباً ، ولم يغيب اصحاب التقارير والمعلومات وجميعهم لم يصل الحقيقة وهي تحت الأقدام ، اللغة السياسية لغة وسطية لمن يريد الفهم ، ولغة عالية لمن يريد ذلك، ولغة مشتركة بين الحاكم والمحكوم وهذا ما تفتقده كثير من الأنظمة بأشكالها والوانها وشعاراتها واعلاناتها وبياناتها. وللسياسة في إدارة الشأن العام ألفاظ ومدلولات وأساليب وأبعادومصطلحات. يرتبط الفكر السياسي الذي تحتاجه البشرية بقيم مجتمعية احياناً وسياسية في أخرى ، لذا يشير فلاسفة السياسة الى أن الإرتباط بالدولة كنظام جاء نتيجة الحاجة للأمن النفسي فقط وما الخضوع للسلطة إلاّ اضطرار الإنسان لتأمين الغذاء والحماية من عدو سواء كان طبيعي من رياح وأمطار أو بشري أو المرض ، ولا يتم ذلك إلاّ بالإنتظام في مجتمعات سياسية لها إطار سلطوي له قانون ودستور وسمات وسياج وقدرة.لماذا لتستقرأ اتجاهات الراي من حولك ما الخدمة المقدمة لك؟ ما الخطر ، ما الخطة المناسبة لانقاذ الاقتصاد مثلا .كيف تمول كيف تنفذ ما هو شعور المستهدفين بذلك من عامة الناس.
النظام السياسي السوداني الحاكم اليوم يمر بمحن متعددة لم يخلقها ويختلقها عرقلة العقل السوداني المعارض الذي لم تفتح له ابواب المشاركة مع الجمهور في برامجه سواء مختلفين في الحالة ام محاولين لإنتاج العملة القديمة مرة ثانية بل يتناقض نفسه في مساره وحدود صلاحياته والعجز عن مواجهة الجمهور واقناعه بالحقيقة هو واقع تماماً في مصيدة الإختراق السياسي المحوري وهذا مبرر التناقض الظاهر في التعرض لوسائل الإعلام ، فسن القوانين التي ليست لها حيز في التنفيذ وتعطيل القوانين التي يحتاجها الإنسان في حياته من سلوك وممارسات لعب بقيمة الوقت فقط ، الأفضل أن نسمي ذلك عدو غير حقيقي ، لما يشتبك النظام مع التيارات الأخرى عقدية أو سياسية مما يسبب الفقدان بين رابط السلطة الحاكمة والمحكومين هنا تضيع الفرص للوزير والرئيس والمرشح وغيره من نخب العملية السياسية وتحدث الأزمات التي تفرق الناس. أن تغييب النظام أو عدم ممارسته للوعي الشعوبي أو القاعدي في عملية بناء الدولة يعني البناء على أسس من الرمال وقطعاً لن يصمد مثل هذا البناء أمام أي أزمة قد تمر بها الدولة ، وامامنا تجارب عديدة في اليمن ومحاولات البناء المجتمعي ، ذهاب دولة العراق رغم متانة البناء ، تونس الحالة الراهنة اقتراب مصر من حالات أخرى كانت اقرب للسقوط. اعتماد سياسة المحاور وبيع الإرادة والشروط والوعود والتخويف والتخوين معاً جدير بأن يجعلك التخبط سمة مميزة أمام المحكومين، فالوعي الذي تحتاجه امتنا السودانية اليوم قبل الغد بمختلف تياراتها المذهبية والعقدية والسياسية والاجتماعية وحتى القبلية والجهوية والصوت العالي في منابر الحديث ومنصاته هو الإدراك العقلي للتجارب والمتغيرات من حولنا ، كيف يصبح للفرد القدرة على تكوين موقف محدد تجاه الواقع الذي يعيشه فإن لم يحدث ذلك فيحل التخلف والتعصب والجهل والفقر والمرض وجميعها نتاج للقهر السياسي.
المجتمع السوداني بعيد عن تحديد رؤية معرفية عقلية مسنودة بأفكار وممارسات قيمية حقيقية يستطيع من خلالها الفرد إدراك محيطه السياسي واتخاذ موقف مناسب ، الكل يغرق في قضية الأكل والشرب وغلاء الأسعار وضنك المعيشة وهذا ما فرضه النظام الحاكم دون غيره ودون ادراك لحقيقته وخسارته فالدولة هي التاجر الأول والرابح الأخير. التغيير الأخير في نظام الحكم في السودان لم يضع حداً فاصلاً لمرحلة جديدة لتنظيم مقتدر على قيادة دولة لها تاريخها واستقلالها ، حقيقة التغيير كانت العوبة لا غير فهي أفرزت نواقص أخرى غير الغذاء والأمن فأصبحت تبحث في اجهزتها عن العدالة وتأمين الحريات كمبادئ وقيم سياسية غائبة في تقدير المنظرين بوثيقتهم غير الدستورية ، لذا فإن أبرز نتائج الثورات الشعبية في بلاد الله وارضه الواسعة إن صح أو الإنتفاضة وهذا وصف ادّق تأسيسها لوعي سياسي مجتمعي يعرف حقوقه وواجباته ، وهنا تسقط الثورة. نحن أمام تجربة سياسية ضعيفة لدرجة كبيرة لا يمكن للفرد فيها أن يفكر سياسياً غير أن الأزمة الحالية في الإختلال الأمني او التدني الاقتصادي او التجويع او تخفيف المنابع يخلقها النظام الذي سبق وانتهى وانصرف وبذلك يبتعد الناس عن التعمق في السياسة الدستورية والحقوق والواجبات وصلاحيات السلطة والإنتخابات وغيرها من الموازين السلطوية ، فعند التغيير الذي حدث وفعلاً هو تغيير أي نقل السلطة من فئة الى أخرى لم يحصل انفراج في قضية السلم بين الناس فالإقتتال يدور وبشدة ، لم تصل الحقبة الحاكمة الى صيغة متراضى عليها وفقاً للعقلية للسودانية، فحالة الوعي في غياب غرقت القوة السياسية المتحالفة على شتاتها في مصالح شخصية مستقلة حالة الضعف السياسي وعدم معرفة الحقوق والتعصب للرأي والإنبهار غير الواعي بالثورة الشبابية فتلاشت ملامح الإنتقال للحكم للديمقراطي والعدل بين الناس والإستيفاء بالحقوق ..الخ
فلم يتبين العقل السوداني العادي طبيعة نظامه الحالي هل هو امتداد لنظام الإنقاذ بوجه آخر قياساً على فعل تلك اللجنة الحاكمة وقتها ؟ ام هو مفروض من دول استعمارية حديثة ام هو نتاج لجماعات الضغط العالمية التي ترسم سياسة العالم أم هو نظام ديني وسطي أم علماني خالص فالحقيقة لم تكن مشاهدة من خلال الأفراد القائمين على الامر في أي مستوى حكم ، فالسلطة التي من اوجب واجباتها الحماية وتوفير الامان النفسي للمواطنين غير قادرة في الدين وموجهاته والدنيا والتزاماتها والشواهد عديدة ولم تحصى في مسيرة الاإنتقال المتعسرة. الحل الذي يفرضه الواقع هو تشكيل وعي سياسي حقيقي يتيح للفرد المشاركة في مستويات الحكم جميعها عبر نظام ديمقراطي حر يأتي به المستفيدون من اهل البلد وتضييق المساحة بين الولاء للوطن والمكاسب الضيقة باعتماد لغة الحوار بين المتخاصمين أو طالبي ثروة الحكم هل يعقل أن يتقدم لمنصب الوالي في أي ولاية عشرة مرشحين!! لتتم تصفيتهم في القرار المركزي ، فليس هناك أغلبية دائمة وأقلية دائمة بل أن مفهوم الأغلبية والأقلية هو مفهوم سياسي يجب أن تتبناه أي مجموعة سياسية تريد إدارة الدولة وهو ليس عقيدة دينية أو مذهبية أو عرقية لكنه من المفاهيم الاجتماعية لذلك فإن الأغلبية هي مؤقتة ويمكن أن تكون أقلية في دورة انتخابية أخرى وبالعكس ، في ألفترة الراهنة يتحدث محبو السياسة في الوجبة اليومية التي توفرها وسائط وناقلات الإعلام والأخبار أو قل الذين يتجرعون هذا الكأس بإستمرار على أن ثورة الإنقاذ الوطني النظام السابق بنظرتهم كتجربة سودانية فكرة وتنفيذ استوعبت بالمدرسة السياسية مجموعة من الناس بمختلف اأفكارهم وتوجهاتهم واتجاهاتهم وسلوكهم السياسي والتفاهم في القضايا الكلية ويشكلون غالبية نخبوية شاخصة في الميادين جميعها وهذا صحيح ومشاهد ، فخطاب رئيس اتحاد الجامعة الذي يستهدف الطلاب بجامعته يشكل مادة سياسية للحزب الذي ينتمي اليه الطلاب برجاله ونسائه ودوره واستراتيجياته وبالتالي يتملك الوعي الذي علمته الأنقاذ روح التنافس والإدراك العام لكن اليوم تعيش هذه الإتحادات والتجمعات وحتى الأحزاب السياسية في أي مستوى فترة من الجمود الفكري والمعرفي فهي لا تجمع إلاّ على سوءات نظام الإنقاذ واعلاء كلمات الحرية وأزمة الإقتصاد وما صدق الاستهداف ذريعة تلك الفترة ؟ وكيفية المواجهة معه وفي الحال نفسه توفر الدولة الأمن بتقديم الارواح ومساندة الجيش. جماعة الأنقاذ الذين انصرفوا من المشهد أناس عاديون وفي اعتقادي يفكرون بروية وبعقل وبوطنية هذا ليس دفاع لكنه واقع من خلال النظر بدقة لحركة نظام الدولة الحالية ، الأصح والذي يشغل بال اللجنة الحاكمة فقد شغلتهم السلطة فتكابروا عليها، غرتهم القبيلة فاستنصروا بها،
استحوزوا بالوظيفة العامة فاحتموا بها. لكنها تجربة قابلة للقياس والتقييس فمنافعها وزيادتها أكبر من ضررها ونقصانها.
الحقيقة التي تحت الأقدام أن الشعوب خاصة منطقتنا لم تهتم كثيراً بالإنفتاح السياسي والمشاركة السياسية وصنع القرارات السياسية التي تعد من موضوعات الوعي السياسي القاعدي كل ما نسمعه ونقرأه موجه نحو القضايا الثانوية والبسيطة في المشهد . أنا بدأت اشكك في الإعتماد على التاريخ المنصوص المدّون ويكون الأفضل الإعتماد على التاريخ المباشر الحالي اليومي الحديث أو سميه هكذا تاريخ اليوم والغد ايضاً لم يكن لدينا تاريخ يُمكن من الإعتماد أو أخذ قوة او بناء استراتيجية فالتجارب هشة نعم كان أبي لكن انا موجودومستوعب !!
اخلص الى أن الروح الفكرية الجامعة والتغيرات التي ستحدث في المسرح السياسي السوداني وبصورة متسارعة جهد بشري إنساني لا يخلو من النواقص لكنه يسعى لمعرفة سلبياته وإيجاد السبل الكفيلة لمعالجتها بطريقة جادة وجاذبة وجريئة كما أشرت سابقاً ، فالجيل الجديد والذي يحاول الصعود عمره لم يشهد غير تجربة الإنقاذ بحاجة ماسة إلى استيعاب الأمور السياسية خاصة مفاهيم الوعي السياسي في الحرية، الدستور ، الانتخابات ، الرأي ، الديمقراطية في قيمة المشاركة في قيمة الولاء للوطن في التوافق على علو الوطن دون عداه ..الخ ) والى ذلك من الأمور التي لابد من استيعابها وتطبيقها في المشهد اليومي لكي نسهم في بناء جديد لوطن يستحق ..
ونلتقي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!