الرؤية نيوز

مرام البشير تكتب: هذه المعركة لم تنتهي بعد …!!

0 27

بعد نحو ثلاثة وعُشرون شهراً وفي صبيحة السابع والعشرون من رمضان الموافق ١٤٤٦ه هبطت طائرة رئيس مجلس السيادة قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان على مدرج مطار الخرطوم الدولي في إشارة واضحة إلى أن مليشيا الدعم السريع المتمردة قد ولىّ زمانها في عاصمة السودان التي سيطرت علي أجزاء واسعة منها منذ أبريل ٢٠٢٣م.

مثّلت تلك الخطوة الضربة القاصمة للمليشيا وأعوانها مما جعلهم ينشرون الأكاذيب والتبريرات الواهية التي لم تجد آذاناً صاغية وسط أهازيج الفرح وأصوات النصر التي تعالت في كل مكان، فُكُشِفت عورات المليشيا بعدما وثّق الجيش السوداني عملية هروبها الممنهج لأفرادها وضباطها تاركين أغلى وأثمن مادفعت به دويلة الإمارات من سلاحِ وعتاد ومنظومات تشويش وراء ظهورهم دون أدنى مبالاة؛ مهرولين نحو جسر جبل أولياء الإستراتيجي الذي سيطر الجيش عليه بالكامل وأحكم بذلك قبضته على كامل المواقع الإستراتيجية والحيوية في الخرطوم.

مسيرتنا حتى انجمينا في تشاد

وفي دهشة وإنبهار شاهد العالم أجمع فرحة السودانيين المبروكة بإنتصار جيشهم العظيم في معركة القصر التي كانت معركة الفصل في معارك تحرير الخرطوم حيث أغدق الجيش السوداني الوسائط المختلفة بفيديوهات التحرير والتبشير لمختلف مناطق وأحياء الخرطوم، وبينما السودانيين يتلمسون طريق النصر ظهرت دعوات وأصوات نشاز تتساءل ماذا سيفعل الجيش السوداني حيال دارفور المحتلة؟ وأعتقد هؤلاء الشرزمة بأن الخرطوم هي الموعد وأن وهج إنتصارات جيشنا في الخرطوم ستنسينا مآسي وآهات إخواننا في دارفور! ومازالت هذه الدعوات تتربع على الوسائط حتى أتت تصريحات كل قادة الجيش والحكومة كالصاعقة على رؤوسهم، وتأكد أن المسيرة ماضية حتى تحرير دارفور، بل وزاد البعض منهم كاللواء بكراوي بأن مسيرة هذا الجيش لن تقف حتى تصل انجمينا في تشاد وتحررها من “محمد كاكا” وهو يرددها بكل ثقة وعزيمة في مقطع فيديو تم تداوله على نطاق واسع.

المليشيا أضعف مايكون في دارفور
في ظل هذا الانتصار الكبير تخشي كثير من الدول المشاركة في الحرب ضد السودان وأولها الولايات المتحدة الأمريكية وأعوانها في المنطقة أن يُكمل الجيش السوداني والقوات المشتركة مسيرتهم نحو دارفور وتحريرها من قبضة المليشيا وذلك لأن جوهر الحرب كان من أجل تدمير السودان وشغل الجيش بمعارك أخرى لإتاحة الفرصة للمليشيا المتمردة الإستفراد بدارفور وإبتلاعها بالكامل، ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان، فالمليشيا التى كانت بكامل عتادتها وقوتها لم تستطع أن تُسقط ولايات دارفور بالكامل رغم محاولاتها البائسة، وهي الآن وبكل المقاييس في أضعف حالتها هناك حيث تمر بحالة إنهيار وتشرزم منقطع النظير، وفي المقابل فإن الجيش الذي كان لا يملك القوة والعتاد الكافي لمقارعتها في الخرطوم أصبح يملك من المسيرات الاستراتيجية وحدها ما يمكنه من إقتلاع انجمينا من قبضة رئيسها فما بالك بالأسلحة الأخرى، ومن ناحية القوات فإن خطة فتح المعسكرات في كل ولايات السودان لضم المستنفرين من أبناء الوطن كانت موضوعة لتحرير كامل أراضي السودان ولم تكن موضوعة لتحرير الخرطوم فقط، وهنا تستحضرني تغريدة المحلل الأمني الأمريكي كاميرون هيدسون وهو يعبر عن مخاوف الولايات المتحدة من تحرير الجيش لدارفور عندما غرد “بأن ذهاب الجيش إلى دارفور خطأ تكتيكياً واستراتيجياً” وعلّل ذلك “بأنه لا يملك قوات برية كافية ليدفع بها إلى هناك، خاصة في ظل إجراءات تأمين الخرطوم والمناطق الأخرى”، ولكن ردنا عليه أن الشعب السوداني أخرج لحرب الكرامة وحدها ما يزيد على “٧٠٠” ألف مستنفر يملكون عقيدة راسخة وعزيمة لا تلين وبإعتراف الجيش السوادني نفسه فأن هؤلاء الأبطال بمختلف سحناتهم قد غيروا من موازين هذه الحرب على الأرض فأصبحوا النواة الحقيقية للقوات البرية والقوات المساندة لها، وبالتأكيد سيكون لهم القدح المعلى في معارك تحرير مناطق دارفور بجانب كل القوات الأخرى.

العبرة بالخواتيم

إن الدرس الذي تعلمته المليشيا وداعميها خلال معركة الكرامة لن تنساه أبداً، هذا الدرس عنوانه الرئيس “العبرة بالخواتيم” وليس بالبدايات، وقتها عندما ضحك الجنجويد وشرزمتهم السياسية حينما كانوا يُسقطون منطقة تلو الأخرى، وكانت تضج الميديا بفيديوهات انتصاراتهم وسيطرتهم على مواقع الجيش وإعتقال أفراده وضباطه والتنكيل بهم، في ذلك الوقت كان قادة الجيش والقوات المساندة لهم يعّدون العُدة ويصفّون الصفوف لمعركة طويلة النفس، يعلمون أنهم سينتصرون فيها لعوامل كثيرة أهمها أنهم خَبروا نقاط ضعف هذه المليشيا وحفظوها على ظهر قلب، وهاهم اليوم يعدون العِدة من جديد لتحرير كامل مناطق دارفور المحتلة وطرد بقايا آل دقلو منها وإسترداد ثروات السودان المنهوبة بواسطة المافيا العالمية ومنظمات الإمارات الإجرامية.

عودة الخرطوم لأحضان الوطن أخيراً
إن عودة الخرطوم إلى أحضان الوطن بالتأكيد أمر عظيم وجلل سيغيّر مسار الحرب بالكامل فهي تمثل رمزية تاريخية للشعب السوداني بإعتبارها عاصمة السودان الإدارية وبؤرة إلتقاء أطيافه الثقافية والسياسية والإجتماعية، كما أنها تمثل وجدان السودانيين وكيانهم النابض بالحياة، ولكن فرحتنا بالخرطوم لا يجب أن تنسينا أن معركتنا لم تنتهي بعد! فلابد أن يمثل تحرير الخرطوم بداية الإنطلاق لتحرير المناطق المغتصبة التي دنستها المليشيا، ولن تكتمل الفرحة إلا بتحرير كل شبر من أرض السودان.

اللهم برداً وسلاماً على السودان.

السودان نيوز

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.