الرؤية نيوز

الحكومة تُطلق الوعود وسط تحديات جسيمة

0 1

في تطور لافت يُعد الأول من نوعه منذ اندلاع الحرب في السودان، هبطت الطائرة الرئاسية التي تقل رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، في مدرج مطار الخرطوم الدولي، إيذانًا ببدء مرحلة جديدة من جهود إعادة إعمار العاصمة التي أنهكتها أكثر من عامين من الصراع المسلح.

الزيارة الرئاسية تزامنت مع اجتماع مشترك للجنة العليا لتهيئة البيئة لعودة المواطنين، برئاسة عضو مجلس السيادة الفريق إبراهيم جابر، وبمشاركة رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس وعضو مجلس السيادة الدكتورة سلمى عبد الجبار، إلى جانب حكومة ولاية الخرطوم. الاجتماع ناقش خارطة طريق لإعادة الحياة إلى العاصمة، وسط انتقادات سياسية اعتبرت تشكيل اللجنة تغولًا على صلاحيات رئيس الوزراء، في ظل تداخل السلطات بين مجلس السيادة والجهاز التنفيذي.

رئيس الوزراء، الذي تولى منصبه في مايو الماضي، أعلن عن خطة طموحة لإعادة تأهيل مدينة الخرطوم خلال ستة أشهر، متعهدًا بإكمال صيانة جسري الحلفايا وشمبات في غضون ثلاثة أشهر. إلا أن مهندسين وخبراء في البنية التحتية شككوا في واقعية هذه المدة، بالنظر إلى حجم الدمار الذي طال المنشآت الحيوية، خاصة في قطاع الكهرباء، الذي وصفه والي الخرطوم أحمد عثمان حمزة بأنه التحدي الأكبر، إلى جانب السكن العشوائي والوجود الأجنبي غير المنظم.

وفي ظل هذه التحديات، أفاد مواطنون عادوا من الولايات إلى مناطق وسط وجنوب الخرطوم بأن الأحياء التي زاروها تعاني من تدهور أمني حاد، وانعدام شبه كامل لخدمات الكهرباء والمياه، وتذبذب في الاتصالات والإنترنت، ما يعكس هشاشة الوضع الخدمي في العاصمة.

اللجنة العليا حددت أولوياتها العاجلة في قطاعات المياه والكهرباء والصحة والتعليم، حيث تم الاتفاق على إدخال الكهرباء إلى محطات المياه والمستشفيات خلال شهري يوليو وأغسطس، وصيانة 60 مدرسة، وتوفير 40 ألف وحدة جلوس وكتب مدرسية، إلى جانب إزالة النفايات والأنقاض. كما تعهد بنك السودان المركزي بتوفير النقد الأجنبي اللازم لتغطية احتياجات الكهرباء والمياه، فيما دُعي القطاع الخاص إلى الشروع الفوري في إعادة إعمار المصانع والبنوك.

وفي خطوة خدمية إيجابية، أعلنت هيئة مياه ولاية الخرطوم عن وصول مياه محطة المقرن إلى مناطق جديدة في أم درمان، من بينها حمد النيل والدوحة وبانت غرب ومربعات أبو سعد، ما يُعد مؤشرًا على بدء استعادة بعض الخدمات الأساسية.

ورغم هذه المؤشرات، لا تزال التحديات الأمنية ماثلة، إذ شهد حي العرب في أم درمان هجومًا مسلحًا على موقف “أمان”، أسفر عن نهب ممتلكات وأموال. وكشفت القوة المشتركة للحركات المسلحة عن ضبط شخصين انتحلا صفتها وارتكبا جرائم ترويع وسرقة، مؤكدةً عزمها على حماية المواطنين وتعزيز الأمن في المناطق المستعادة.

في سياق متصل، بدأت عودة تدريجية للأسر النازحة إلى العاصمة، حيث استقبلت حكومة ولاية الخرطوم 168 أسرة عائدة من ولاية كسلا، بدعم من جمعية الهلال الأحمر السوداني، في مؤشر على بدء مرحلة جديدة من إعادة التوطين.

ورغم الزخم السياسي والوعود الحكومية، تبقى التساؤلات قائمة حول مدى واقعية تحقيق “عودة الحياة” إلى الخرطوم خلال ستة أشهر فقط، في ظل حجم الدمار الهائل، والتحديات الأمنية، وضخامة الاحتياجات التمويلية. فالوعد بتحويل الخرطوم إلى “أفضل مما كانت عليه” يتطلب إرادة سياسية قوية، واستقرارًا أمنيًا مستدامًا، ودعمًا دوليًا واسعًا، وهي شروط لا تزال بعيدة المنال في ظل استمرار النزاع في مناطق أخرى من البلاد.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.