عبد الرحمن المهدي يكشف تفاصيل لقاء الإمام الصادق بقادة النظام قبل انحياز الجيش للثورة
في بيان مطول حمل توقيع عبد الرحمن الصادق المهدي، نائب رئيس مجلس الحل والعقد بهيئة شؤون الأنصار، وقائد سيوف النصر، رد فيه على ما وصفه بالافتراءات الواردة في بيان صادر عن الأمانة العامة لحزب الأمة القومي، والذي اعتبره هجومًا غير مبرر على شخصيات تنتمي للحزب بروابط تاريخية أو عائلية. البيان الصادر عن الأمانة العامة، وفقاً لما أورده المهدي، تضمّن رفضاً لما وصفته بـ”التسلل إلى مواقع القيادة في مرحلة ما بعد الثورة”، كما ندد بما اعتبرته “دخول العسكر إلى دار الأمة”، داعيةً جماهير الحزب والأنصار إلى عدم التعاطي مع هذه التحركات والتصدي لها.
عبد الرحمن المهدي، وفي معرض رده، أكد أن حزب الأمة القومي لا يعرف إطلاق التصريحات المموهة، مشيراً إلى أنه لن ينجر إلى مغالطات تاريخية، لكنه يحتفظ بوثائق ووقائع قال إنها ستكون مرجعاً للتاريخ، وأن الحكم في نهاية المطاف سيكون لله والشعب وجماهير الحزب، التي ستُقيّم من وقفوا لحماية الكيان الحزبي والدعوي، ومن ساهموا في لحظة مفصلية من الثورة بجعل الحزب يؤدي دوراً محورياً في ولادة التغيير السياسي.
وفي سياق توضيحه للأحداث، كشف المهدي أن اللقاء الذي جمع الإمام الصادق المهدي بقادة النظام في العاشر من أبريل عام 2019، والذي أعقبه انحياز اللجنة الأمنية للثورة في اليوم التالي، تم تنظيمه بمبادرة منه وفي شقته الواقعة بمنطقة الخرطوم 2، مضيفاً أنه عُيّن لاحقاً رئيساً للجنة الاتصال الحزبية التابعة للمجلس العسكري، والتي ضمت قيادات بارزة من حزب الأمة، مؤكداً أن الأمانة العامة كانت على علم بذلك لكنها تنكر هذه الحقائق.
المهدي شدد على أن حزب الأمة ليس ملكاً خاصاً لأي فرد، منتقداً من وصفهم بالمتسلقين الذين دخلوا الحزب عبر روابط عائلية دون أن يقدموا عطاءً حقيقياً أو يمتلكوا معرفة بمبادئه وتاريخه. وأشار إلى أن هؤلاء ساهموا في تقزيم الحزب وتحويله من قوة قيادية إلى تابع، واتخذوا مواقف منحازة لقوات الدعم السريع، رافعين شعارات مناهضة للحرب، بينما تصب بياناتهم ومواقفهم في خدمة تلك القوات.
وفي معرض حديثه عن الوضع الراهن، أكد المهدي أن الشعب السوداني والكيان الوطني لن يسمحا ببقاء قيادة قوات الدعم السريع في مواقعها بعد انتهاء الحرب، مشيراً إلى أن لحظة المحاسبة قادمة لا محالة. كما أوضح ملابسات زيارته لدار الأمة، مبيناً أنه علم بوجود أسر تحتل المبنى وترفض مغادرته بحجة دعم الحزب لقوات الدعم السريع، وأنه، بصفته رئيس مجلس إدارة شركة الصديقية المالكة للعقار والمؤجرة لحزب الأمة، توجه إلى الموقع لإقناعهم بالخروج سلمياً، بالتنسيق مع لجنة شكلها رئيس الحزب المكلف محمد عبد الله الدومة، وبرفقة مسؤول سيطرة أمدرمان بالقوات المسلحة لتأكيد الوضع القانوني.
وأضاف أنه أوضح للمحتلين أن من يساند قوات الدعم السريع هم قيادات معزولة، وأن غالبية جماهير الحزب في العاصمة والولايات ترفض عدوان تلك القوات. وانتقد الأمانة العامة لانشغالها بما وصفه بـ”الجعجعة حول تحركات الآخرين”، بدلاً من العودة إلى البلاد وقيادة الجماهير، معتبراً أن دورها اقتصر على التعليق من الخارج وتغييب الحضور الحزبي في الداخل.
وفي ختام بيانه، طمأن المهدي جماهير الحزب والأنصار على تمسكهم بالنهج المؤسسي الذي أرساه الإمام الصادق المهدي، منتقداً من وصفهم بالقادة الذين اختطفوا الحزب وأضعفوا دوره الوطني، محملاً إياهم مسؤولية فشل الفترة الانتقالية والظروف التي قادت إلى الحرب وتدمير الوطن.
من جهتها، أكدت الأمانة العامة لحزب الأمة القومي في بيانها أن الحزب متمسك بمبادئه الراسخة في العمل المؤسسي واحترام مؤسساته الدستورية، رافضاً أي محاولات للالتفاف على إرادة جماهيره أو استغلال رمزيته التاريخية لخدمة أجندات شخصية أو سياسية تتناقض مع خطه الوطني. وشددت على أن الاستحقاقات التنظيمية والدستورية أمر لا بد منه، تشرف عليها مؤسسات الحزب بما يضمن مشاركة جميع الأعضاء في ولايات السودان، ويحافظ على وحدة الحزب والوطن، ويُفشل أي محاولات لشق الصفوف أو تقسيم البلاد.
كما أشار البيان إلى رصد تحركات لبعض الأشخاص والجهات ذات الصلة السابقة بمؤسسات الحزب أو بكيان الأنصار، يسعون لإعادة تقديم أنفسهم في الساحة السياسية بعد سقوط النظام السابق، مستندين إلى روابط عائلية أو تاريخية، رغم أن سجلهم يشهد بانحيازهم السابق لسلطة المؤتمر الوطني وتقلدهم مناصب رفيعة في أجهزته السياسية والعسكرية. وحذّرت الأمانة من هذه التحركات التي وصفتها بالمشبوهة، مؤكدة أن الشرعية الحزبية لا تُكتسب إلا عبر الالتزام بمؤسسات الحزب ومواقفه المبدئية، لا بمجرد الانتساب الشكلي أو التاريخي.
وأكدت أن أبواب الحزب ستظل مفتوحة أمام كل من يلتزم بمبادئه ونهجه المؤسسي، لكنها لن تسمح بتمكين من تخلوا عن واجبهم تجاه الشعب والوطن أو ساهموا في ترسيخ الحكم الشمولي من التسلل إلى مواقع القيادة في مرحلة ما بعد الثورة. كما تطرقت إلى دخول العسكر لدار الأمة، معتبرة أن ذلك ليس بالأمر الجديد، مشيرة إلى أن الحادثة تكررت عام 1989، حينما عادت الدار إلى جماهير الحزب، وستعود مرة أخرى عامرة بقياداته وكوادره.